لماذا لم يقسّم المسيح الميراث للشاب السائل؟
الرب يسوع المسيح
بين القاضي والطبيب
New Man
ذات مرة جاء شاب الى السيد يسوع المسيح وقال له : قل لأخي ان يقاسمني الميرات ، فكان رد السيد يسوع واضحا ومختصرا : يا انسان من اقامني عليكما قاضيا او مقسّما ؟؟ (لوقا 12: 13 – 21) . ولكن في مكان آخر نجد الرب يسوع قال عن نفسه " لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى ، لم آت لأدعو ابرارا بل خطاة الى التوبة ( لوقا 5: 31) . ء
يحتج البعض على الرب يسوع المسيح ان ينصّب نفسه قاضيا لقسمة الميرات بين الاخوين ، زاعمين بهذا ان الشريعة المسيحية ليست شريعة كاملة ، تتضمن تقسيمات الميراث ( كما تفعل بعض الشرائع الدينية الاخرى ) . ء
ولكن اذا نظرنا الى كلام الرب يسوع ( له المجد ) وكيف انه لم ينصّب نفسه قاضيا ولكن طبيبا ، سوف نجد ان هذا التعليم ارقى واسمى واكثر نجاحا وتأثيرا في حل قضية الميراث . وكيف يكون هذا ؟؟
تعال نناقش الامر بروية وهدوء ونحاول الاجابة على السؤال البسيط : ء
كيف تحل قضايا صراعات البشرية ، هل بوضع المزيد من القوانين والتشريعات ؟؟
هل الانسان في مواجهة المشاكل والتحديات في الحياة ، يحتاج الى قاضي ام الى طبيب ؟؟
ان وظيفة القاضي هي تحقيق او تطبيق القانون على الانسان بما يفعله ، ولكن الطبيب ينظر الى الدوافع والاسباب التي تجعل الانسان يفعل ما فعله ، ثم تحاول الوصول الى السبب ومعالجته ، او ازالته ، حتى يتحرر الانسان من التأثيرات الخاطئة والمريضة التي تجعله يفعله ما يفعله . ء
واذا نظرنا الى تاريخ الحياة البشرية ، سوف نجد انه كلما تقدمت البشرية وتعقدت سبل الحياة ، ازدادت معها القوانين والتشريعات ، ولكنها ابدا لم تحل وتخفف من الخطية او طريقة الانسان في كسر القانون ، بل على العكس ، كل هذه القوانين الاضافية ، لم تعط حلا للمشاكل ، بل وجدت عقلا بشريا يحاول ايجاد الثغرات في القانون لايجاد الطريقة التي تجعل الانسان يكسر القانون ويأمن العقاب . ء
ان الانسان لا يحتاج الى مزيد من القوانين والتشريعات، بل يحتاج الى طبيب واع وماهر ، يعرف كيف يصل الى اغوار النفس البشرية المريضة ، ويحدد المرض واسباب التصرفات المريضة ، ليعطي الدواء والشفاء الناجح . ء
وهذا هو ما فعله السيد المسيح ، فانه لم يضع فقط قوانين او تعاليم سامية ، ثم طلب من الانسان ان يحققها ، ولكنه وضع المقياس الصحيح للانسان البار والسليم ، ثم وعدنا بان يعيش فينا هذه الحياة ليصل بها الى المقياس المطلوب ، اذا فقط سمحنا له ان يسكن في ارواحنا وحياتنا ، ليقودنا بحياته ، فنجد تحقيق هذه التعاليم مستطاعا وسهلا .ء
قال الرب يسوع المسيح : " غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله " ( لوقا 18 : 27) ، وبهذا استطاع القديس بولس ان يقول " استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني " ( قيليبي 4: 13) ، نعم استطاع ان يري نفسه ليس فقط متبعا لتعاليم او قوانين ، ولكنه رأي المسيح يحيا في حياته (مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا فيّ.فما احياه الآن في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي) (غلاطية 2: 20) ء
لم يكن الشاب يحتاج الى قاضي ليحل مشكلة الميراث ، بل كان يحتاج الى طبيب ليحل مشكلته في محبة اخيه الناقصة والقاصرة . يمكنك ان تنظر الى الموضوع بهذه الصورة ، افترض ان (فلان) كان يقود سيارته ، ونظرا لمخالفة المرور وكسر الاشارة الحمراء ، حصل تصادم مع سيارة اخرى واصيب في الحادث ، ماذا يحتاج ( فلان ) في هذه اللحظة ؟؟؟ هو مخالف القانون ، ومصاب في آن واحد !!!من يحتاج : طبيب ام قاضي ؟؟؟
اظن انك سوف توافقني انه يحتاج الى طبيب ، حتى يتعافي ليستطيع ان يقف بعدها امام القاضي .ء
لا يحتاج الناس الى مزيد من القوانين والتشريعات او التعاليم ، بل يحتاجون الى روح الله ليحيا فينا حياة السيد يسوع المسيح نفسها ، وهذا وعده الذي يحقق كل يوم منذ اليوم الذي صلب فيه ومات وقام وصعد الى السموات وارسل روح الله القدوس يحيا فينا . ء
وهذا ما كان بالفعل يحياه السيد المسيح في حياته اثناء خدمته الارضية ، فقط كان يجول يصنع خيرا كطبيب شاف ، وراعي للخراف ، ولكنه رفض ان يكون قاضيا او ديّانا ، وقد قال قبل ان يتوجه الى الصليب مباشرة : " لاني لم آت لادين العالم بل لاخلّص العالم. "ء
( يوحنا 12 : 47)
قال الرب يسوع المسيح ( له المجد ) : " انا الكرمة وانتم الاغصان. الذي يثبت فيّ وانا فيه هذا يأتي بثمر كثير. لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا. " ( يوحنا 15: 5) ، فهل تأتي لتتقابل معه وهو لازال يفتح باب النعمة والرحمة ليقبل الناس كالمخلص والطبيب الشافي ، قبل ان يأتي في مجيئه الثاني كديّان وقاض للبشرية ، حينها سوف يكون الوقت قد انتهى . ء
الرب يبارك حياتكم .