For God so loved the world, that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life.

الأربعاء، ٢٨ جمادى الأولى ١٤٣١ هـ

الشعوب السبعة والفروق السبعة

من الشعوب السبعة والفروق السبعة …

إلى كمال المسيح


Christopher Mark

كنت في زمن ما أحب موضوع الشعوب السبعة (1) والفروق السبعة… الفروق السبعة المعنية هي سبعة فروق بين تشريع التوراة لقتال الشعوب السبعة وتشريع الآخرين لقتال شعوب الأرض ومن عليها… وهذه الفروق سريعاً:

1) أن التوراة منعت من الانتفاع من غنائم الحرب في عدة مواضع، فانتفت عن تلك الحرب شبهة “تأليف قلوب المحاربين” بالغنائم،

2) ثم أن التوراة لم تجعل تغيير دين الشعوب السبعة مهرباً لهم من القصاص، فانتفت بالمرة شبهة التوسع الديني بالإجبار،

3) وفي التوراة يحدد الرب أسماء الشعوب التي تُعامَل تلك المعاملة الحربية بخلاف إعطاء الأمر على ورقة بيضاء ليملاها المحارب باسم من يشاء شن الحرب ضده، وهذا الفرق يؤكد أن الحرب هنا موضوع مبدأ أخلاقي ، وليس موضوع ظروف وهوى شخصي،

4) والفرق الرابع أن الرب كان يشرف على الحرب وكان صوته واضحاً في المكسب أو الخسارة (2)،

5) وأهم الفروق أن هذه الشعوب كانت قد ارتكبت جرائم يعاقب عليها أي قانون مدني حالي بالإعدام او السجن مدى الحياة لمن لا يقر بعقوبة الإعدام، وهي جرائم تجعل الذين لا يقرون تلك العقوبة يتشككون في صحة إطلاق مبدأهم دون استثناء.

6) ثم فرق سادس يظهر في أن الرب أعطى لتلك الشعوب فرصة أربعمئة سنة للتوبة وهكذا كلم إبراهيم صريحاً بالنبوة أن ذنب تلك الشعوب لم يكتمل بعد أي كانت لهم فرصة توبة وفرصة طويلة وكافية حتى إذا عبرت صار الأمر خياراً بين السئ والأسوأ ولم يعد لاختيار التوبة محل متوقع الحصول،

7) وآخر الفروق أن الشعب كان يحارب متلقياً أمراً من إله قدم دليل ألوهيته وحضوره الفائق بمعجزة شق البحر ثم معجزة شق النهر للجيل الذي لم يعش ويعي المعجزة الأولى…

هذه الفروق تقود إلى تفرد الإله في الكتاب المقدس حتى في شريعة الحرب، وليس من شريعة حرب تحمل تلك الفروق في كل ما كان معروفاً وقتها وما هو معروف للآن، على أنه لا يزال لاجل يسوع كلام …

حتى هذا السمو النسبي (نسبة لشريعة الحرب في عمومها) الواضح لا يصل لملء كمال سمو يسوع، لأن شريعة الحرب من أصلها لم تكن الغرض ولكنها كانت وسيلة تدبيرية ألزمت خطية البشر بها التدبير الإلهي، ولكن الرب لا يهدأ حتى يتم غرضه، وهو متمه من اجل محبته للبشر ولو كره البشر أنفسهم غرض الرب في جهلهم…

… وهنا يظهر يسوع ليظهِر ما فوق الكمال وما أسمى من السمو…

… إن كانت شريعة العهد القديم سامية وكان الناموس كاملاً وصالحاً ويغلب إذا وقف في المحاكمة أمام أي ناموس آخر، فيسوع يأتي ليضيف مفهوماً أعلى عن الناموس، أنه هو ذاته الناموس الجديد…

… أتى موسى بالتوراة ولكن لو أتى بها يشوع لبقيت التوراة كما هي ولم تتغير…

… ويمكن التعميم فنقول أتى أفلاطون بفلسفته وأتى فلان بكذا وأتى علان بعلانيته ولكنها كلها أفكار لا ترتبط بأصحابها ارتباط لزوم وان ارتبطت اسماؤها ارتباطاً نَسَبيّاً..

وأما يسوع فلا مسيحية بدونه (بدون شخص المسيح) ، أو بدون عمل المسيح ، بدون حقيقة شخص المسيح أنه الإله المتجسد الفادي..

إذن صار المسيح كشخص صاحب المصدر لقيمة ناموسه، وصاحب المصدر لقوة التابعين لناموسه..

يسوع الشخص يعطي بطبيعة شخصه لناموسه قيمته ويعطي بنعمة عمله لتابعي ناموسه القوة لتبعيته… علاقة ثالوثية لصيقة ومتلازمة بين المسيح وناموسه والمؤمنين به…

إذن عندما أؤمن بيسوع فلست أؤمن فقط بناموس أرقى من ناموس العهد القديم الذي هو راقٍ في ذاته، ولا أؤمن فقط بشخص كريم مضحي، ولكنني أؤمن بشخص أخد ناموسه كماله من شخص صاحبه، وأخذتُ أنا المؤمن به الصلاحية للارتقاء لهذا الناموس من ذات نعمة شخصه أيضاً…

إذن فلهذا أقبل يسوع…

… ثم لهذا أقبل يسوع ، لأنني إذ أرتقي لناموسه أرى أنه ناموس من الرقي بحيث لا يمكن لأحد أن يحياه سوى صاحبه يسوع نفسه، وأنني إذ آخذ نعمةً لاحياه أنا أيضاً فإنني إنما أكون قد اخذت نعمة لاكون مشابهاً لصورته هو..

إذن فلهذا أؤمن بيسوع أنه لم يتركني عبداً لناموس وضيع، ولم يتركني عاصياً منافساً لناموسه بناموسي أنا، ولكنه في اختياره لي أن احيا ناموسه فإنما اختار لي موضع الشركة، شركة ذاته، شركة الطبيعة الإلهية (وليس منافستها كما يسئ البعض الفهم)..

يعوذني من الكلام الكثير ، وعند الفرق بين المنافسة والشركة لا يزال لاجل المعنى كلام، ولا يزال كلام أكثر للفرق بين انفصال الدعاة عن دعواتهم وعن تابعيهم، وبين -بالمقابل- الاتصال “العضوي” بين المسيح وناموسه والمؤمنين به بحيث يصبح ناموس المسيح سمة تسمني كمؤمن بالمسيح وحالة أحياها، وليس بعد قانون أتبعه فحسب، ويصبح المسيح رأساً لي كرأس لجسد وليس رئيساً كرئيس لجماعة…

إذن فما انا أحياه الآن إنما احيا بالإيمان ، إيمان ابن الله الذي احبني وأسلم نفسه لأجلي، ولهذا أقبل يسوع…

——————-

(1) هم الحثيون والجرجاشيون والاموريون والكنعانيون والفرزّيون والحوّيون واليبوسيون

(2) بحسب التوراة ومنطقياً يؤخذ بشهادة التوراة لنفسها هنا لأن موضوع الفحص هو منطق الحرب لا مصداقية الكلام وإن كان صادقاً