كيف يطلب منّا الله أن نحب أعداءنا أو نقلع أعيننا؟
بيتر أبيلارد
تحرير ابراهيم القبطي
س : كيف يطلب مننا الله ان نحب اعداءنا؟
أحبوا اعدائكم... تعليم رئيسى مسيحى
كيف يطلب مننا الله ان نحب اعدائنا و هو نفسة كره الشيطان..اليس الشيطان عدوه؟؟؟
هل احب الله الشيطان؟
هل يستطيع او لا يستطيع ان يحبه؟؟؟
ايطلب مننا الله شىء نحن الضعاف ان نفعله و هو الله لا يستطيع ان يفعله..؟
اليس من حقنا ان نقول...ابدأ بنفسك يا الله
الرد:
الآية نفسها من أشهر الآيات التي يتم إقتطاعها من سياقها ففي كل مرّة تجد هذه الآية مقتبسة ستجدها "أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات" ويتوقف أقتباس الآية هنا رغم أن تكملة السياق بالتحديد هي التي تشرح المقصود "فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحيين ويمطر على الأبرار والظالمين"
لاحظ أن السياق لا يتحدث عن شعور عاطفي ولا عن قبول لكن عن معاملة.. فرغم عداوة غير المؤمن لله إلا أن الله لا يقول أنا لن أتعامل معكم بصورة مختلفة بسبب عدم إيمانكم. وتطبيق هذا لنا أنه يجب ألا تختلف معاملتك بين شخص وأخر بناء على معتقده. وللأسف هذه النقطة تحديدا هي ما يخالفها كثير من المسيحيين المؤمنيين. فتجد منهم من يوظف مسيحيين فقط، أو من يحاول أن يجعل علاقته العملية مع مؤمنين فقط...
أما عن علاقة الله بالشيطان وغير المؤمنين فيجب هنا التفرقة بين المحبة العملية والمحبة الشعورية ففي الكتاب هناك تفرقة بينهما وتفهم من السياق.
ففي مزمور 139 تجد "ألا أبغض مبغضيك يارب وأمقت مقاوميك؟ أبغضتهم بغضا تاما. صاروا لي أعداء" وتجد في مزمور 31 "أبغضت الذين يراعون أباطيل كاذبة" ومز 119 "رأيت الغادرين ومقت لأنهم لم يحفظوا كلمتك" وفي سفر الرؤيا إصحاح 2 "ولكن عندك أنك تبغض أعمال النقلاويين التي أبغضها أنا أيضا"
لاحظ هنا أن البغضة والكراهية ليست موجهة لشخص معين ولكن لمن يقوم بفعل محدد أو يفكر بشكل محدد.
فكتابيا أنا لا أكره فلان هكذا بصورة شخصية, لكن أكره فلان لو كان كاذبا, لا يحفظ وصايا الله,... هذا يعني أنه لو تغيير إتجاهه تغيرت بغضتي له.. ورغم كراهيتي له بصورة نفسية شعورية (أي لا أشارك ولا أرضى عن أفعاله ولا أبررها) إلا إني أحبه بصورة عملية (أي لا أمنعه شيئا بسبب فكره). أعطيك مثلا للشرح.
تخيل نفسك طبيب وأتى لك مريضا غير مؤمن؛ بغش النظر عن درجة عدم إيمانه. هنا وجب عليك كتابيا أن تقوم بعلاجه بنفس الدقة وبنفس الطريقة التي ستعالج بها أي شخص أخر‘ في نفس الوقت لا يجب القبول بما يفعل أو الموافقة عليه وتبريره بل يجب أن تخبره بالخبر السيء وهو أنه "ميت في الذنوب والخاطايا" وأن تخبره أيضا بالخبر السار "ليس بأحد غيره الخلاص" وبما يتطلبه الله منه "فالله يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل"
أما عن قولك : اليس من حقنا ان نقول...ابدأ بنفسك يا الله!!
أولا ليس من حقك لسبب بسيط جدا وهو أن ما يأمر به الله يعكس طبيعته، ولأنه هو المقياس المطلق.
هذا في حد ذاته يسقط السؤال, لأني عندما أوجه سؤالا لك أو أحاكمك فهذا يعني أن هناك مقياسا أخر نخضع له أنا وأنت.. إذا وجدت مقياسا يخضع له الله وقتها يمكنك السؤال. لكن لو وجدت ذلك المقياس فهذا يعني أن الله ليس إله من الأساس. لأن الله لا يخضع لمقياس سوى لطبيعته فقط.
لنقطة الثانية هي إننا عندما نتحدث عن كراهية الله لشخص فنحن نتحدث عن بغضة كاملة مقدسة. لأن كل ما يفعله الله كامل ومقدس وعادل... لأن الله هو المقياس لكل هذا. وهذا لا نقارنه بكراهية البشر بعضهم للبعض فكراهيتك لي أو العكس ليست مقدسة أو كاملة أو عادلة لأنك لست مقدس‘ كامل‘ أو مصدر ومقياس أي شيء.
أخيرا: كل ما أمرنا به الله هو نفسه يفعله وبصورة كاملة حتى أمره "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" .
___________________________
س: اعتقد انه من حقى ان اكرة اعدائى, فهو احساس مشترك بينى و بين الله و مخلوق بيه منه.
الرد : لا اتفق معك.. لعدة أسباب.
1 - نحن مطالبون أن نفعل كل شيء لمجد الله وليس لمجد ذاتي. بالتالي أعدائك سيكونون بهذه الصفة لأحد الأسباب‘ إما أن يكون بسبب كونك مسيحي وليس لأي سبب أخر. في هذه الحالة ليسوا أعدائك أنت بل أعداء الله ويجب أن نعود للكتاب لنعرف كيفية التعامل معهم. أو أن يكون كراهيتهم لك بسببك أنت في هذه الحالة أيضا علينا أن نتبع الوصية لأنك لست المركز ولا المقياس بل الله.
2 - لن يمكننا طالما نحن في الجسد أن تكون أحكامنا مقدسة بالكامل وغير خاضعة لأي حس بشري‘ بالتالي إتباع هذه الأحكام دائما سيحمل ضعفات الجسد البشري. لذا علينا أن - مرّة أخرى - نتبع الوصية وألا تكون علاقتنا بشخص مشروطة بكيفية أحساسنا من ناحيته.
___________________________
س : في سياق الاصحاح يقال: فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.
جميل جداوكلام رائع, و لكن هل هو مطبق ايضا؟ هل نطبقة؟؟
ام لاستحالة تطبيقة المادى نتغاضى عنه ونتمسك بالسهل المعنوى المستحيل فى نفس الوقت مثل محبة الاعداء و طلاق المرأة؟
الرد :
لو قصدها المسيح بهذه الصورة فينبغي تطبيقها، لكن عندما نتعامل مع أي نص سواء الكتاب المقدس أو غيره فيجب أن نفهم طبيعة النص. فالمثل لا يقصد منه مطلقا الفهم الحرفي فهو ليس تقرير إخباري ولا حتى أمر، المثل يستخدم صيغ بلاغية مثل المبالغة، وفهم النص بهذه الصورة يعني إنه حتى إن كان إتباع وصايا الله سيتسبب لك في إزعاج فيجب أن نتبع الوصيا مهما كان المقابل. وخذ بضعة تطبيقات لهذا المثل في حياتنا اليومية .
+ تخيل معي أنك موظف مسيحي مؤمن في مصلحة حكومية مصرية وطُلب منك بشكل واضح أن تقوم بعمل مخالف لما تعتقد مثل الكذب في التقرير الضريبي، قبول رشوة، التغاضي عن مخالفة لأحد المحاسيب. وأنت تعلم جيدا أنه في حال إصرارك على أن تفعل الصواب فالنتيجة ستكون خسارة وظيفتك. في هذه الحالة الكتاب المقدس يخبرك أن تخسر وظيفتك وتثق أن الله هو الذي يحكم مستقبلك وحاضرك وماضيك وأمانتك له أهم من أي شيء آخر.
أو تخيل معي أنك طبيب في مستشفى غير مسيحي وطُلب منك بصورة واضحة ممارسة عملية إجهاض أو عملية مساعدة في قتل شخص مريض. أيضا هنا ينبغي عليك الرفض مهما كانت النتيجة.
أما الحرفية النصية للآية فهي صيغة مبالغة لعدة أسباب مثلا لا يوجد إنسان واحد تتحرك أعضائه رغما عنه إلا في حالة مرضية - والله لا يحاسب أحد على الحالات المرضية - فأنت تعلم جيدا أنه يمكنك التحكم بنظرك ولكن هل هذه هي القضية فعلا؟ هل النظر في حد ذاته هو المشكلة ؟
أم التوجه الداخلي وراء النظرة؟
فالذي يعثرك هنا ليس عينك ولا يدك بل تفكيرك الي يوجه العين واليد.
ثانيا : أما عن عدم تطبيق الوصايا ، فهو عيب فينا وليس في الوصايا، فلا أحد يزعم أبدا أنع يتبع الوصايا كاملة، لكن الوصية نفسها صالحة وعدم تطبيقنا لها عيب فينا وليس في الوصية ولا في قائلها.
فهناك وصايا لا يطبقها المسيحيون أسهل من قلع العين مثل إطاعة الله أكثر من الناس. فأنت تعلم رأي الكثير إن لم يكن معظم المسيحيين في عقوبة الأعدام، أو في مخالفة حكومات ضد وصايا الله مثل حكومة الصين أو أمريكا أو كندا أو السويد أو غيرهم من الحكومات التي تلزمك بواصايا مخالفة لوصية الله وأنت تطيعهم. هذا عيب فينا وليس في الوصايا .
ثالثا : الله لم يطالب البشر بتطبيق هذه الآية للجميع بل النص كان موجها للمؤمنين، والمؤمن هو يلتزم قاصدا بكل الوصايا، لأن المؤمن قد يخطيء في إتباع الوصايا دون قصد، فلو أخطأ فيها قاصدا نحتاج وقتها أن نضع علامات استفهام كثيرة حول كونه "مؤمن". فلو كنا نتحدث عن المؤمن فستكون القضية مختلفة تماما فهو بداية لا ينظر لإمرأة ليشتهيها، وهو بداية لا يسرق.. لذا لن يصل أصلا - من الناحية العملية- لقطع اليد.
إذاً هناك وصايا أعطاها الله لخاصته، للمؤمنين به وليست وصايا عامة. أما الوصايا العامة فهذه قوانين أعطاها وحدد شروطها وأسس تطبيقها. فالوصية التي أعطاها الله لخاصته لا يصح أن تطبق على من لا يؤمن وكل محاولة في التاريخ لتطبيق الوصية الموجهة للمؤمنين على غير المؤمنين كانت نتيجتها كارثية. مثل الوصية التي ذكرتها أنت وصية الطلاق. فهذه وصية للمؤمنين فقط ولا يصح تطبيقها على غير المؤمن والذي يحدث اليوم أنك تحاول تطبيق الوصية على كل من ولد لأبويين مسيحيين حتى لو أسما والنتيجة كارثية فأنت تحاول أن تلزم شخص بقانون هو من البداية لا يعترف به ولا بسلطة من قاله ولا يعنيه القانون من أصله. ولأن عضوية جماعة المؤمنين ليست كعضوية الدولة أي إنها عضوية يختارها الشخص بنفسه فلا يصح منطقا أن تطبق على من لم يختار أن يكون من جماعة المؤمنين القوانين التي تلزمهم ولا تلزمة (بالمناسبة جميع القوانين المُلزمة للمؤمنين فقط هي قوانين طقسية وعبادية وليست قوانين أخلاقية).
أخيرا: كثيرا ما أعطانا الله قوانين من الناحية العملية تطبيقها أصعب مما تتخيل. مثلا عقوبة الأبن العاق في الكتاب المقدس هي الموت. لكن الكتاب وضع شروط لهذه العقوبة تجعلها صعبة التطبيق إلا في حالات نادرة. فجيب أن يكون الابن العاق في سن يسمح له بالعمل، يضرب أمه، يهين أبوه،...
وقتها يجب أن يأخذه الأب والأم سويا ويسلمونه لشيوخ المدينة لكي يُعدم.
هل لك أن تتخيل طبيعة الابن الذي يمكن أن يتفق أبوه وأمه وشيوخ المدينة على أنه يجب أن يموت لتمرده؟
ورغم الصعوبة إلا أنك لن تجد أن وجود شخص بمثل هذه الحالة مستحيل، في حياتنا وُجد أشخاص مثل هؤلاء كجيفري دامر (Jeffrey Dahmer) مثلا والذي تحول من أبن عاق يضرب أبيه وأمه ولا يعمل ، إلا أن انتهى به المطاف إلى أن قتل ستة عشر شخص وأكل جثثهم بعد قتلهم. فلو طبق عقاب الأبن العاق على مثل جيفري لكانت النتيجة إنقاذ حياة ستة عشر شخص.
__________________