For God so loved the world, that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life.

السبت، ٨ جمادى الآخرة ١٤٢٨ هـ

الإرهاب الإسلامي في التاريخ [3-4] ... غزو مصر

بدأ الاسلام دمويا بهجرة محمد إلى المدينة ، واستمر دمويا بعد وفاة محمد كما رأينا في حروب الردة وغزو العراق والشام * ، و لايسعنا إلا أن ننتبع خط الدماء غربا إلى مصر الحبيبة ، وكيف تحولت الأرض الطيبة الخضراء إلى قاعدة فيما بعد لغزو النوبة وشمال أفريقيا والأندلس
وعلى الرغم من أن المصادر التاريخية الإسلامية أو غير الإسلامية تفتقد للكثير من تفاصيل المعارك واحداث الغزو ، إلا أن ما هو متوافر من المعلومات يكفي لإيقاظ من لا يزال يمتلك ولو القليل من الضمير والشرف ، ليدرك كيف زرع محمد فكرته الدموية ، لتثمر شوكا وحسكا فيما بعد ، وتحطم كل فضيلة وأخلاق وحرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
لقد أهان الأعراب المسلمين أجدادنا واستعبدوهم ، والكارثة أن الجيل المعاصر من المصريين لا يتعاطف مع الأجداد بقدر ما يتعاطف مع جلاديهم من الأعراب ، ولا يحترم الحضارة القبطية أو الفرعونية بقدر ما يرى كل شئ من منظار اسلامي أسود ، يمسح كل أنواع الحضارة ويبقي على ثقافة أجنحة الذباب واحكام نكاح الصبايا ووطء الغلمان ، والحور العين

فليعلم إذا كل قبطي حقيقي أن الشرف والكرامة من الممكن أن يهانا أو يمتهنا أو يسخر منهما ويحقرا ، ولكن لا يمكن أن يفقدهما فعليا إلا المستسلم (1) .

************************

* بدء الغزو -سنة 638م (2)
بعد تسليم بيت المقدس لعمر بن الخطاب، قابله عمرو بن العاص في(الجابية) قرب دمشق وألح في غزو مصر، لغناها وسهولة الاستيلاء عليها ، مؤكدا أنها ستكون قوة للمسلمين إذ هم ملكوها.

* الخليفة بن الخطاب يوافق على الغزو- ديسمبر639م (3)
وافق الخليفة وهو متردد على سير عمرو بن العاص لمصر، سار عمرو في جيش صغير من أربعة آلاف جندي (4000) حتى وصل إلى رفح وهي على مرحلة واحدة من العريش بأرض مصر، فأتت عند ذلك رسل الخليفة عمر بن الخطاب ، ففطن عمرو إلى ما فيها، فلم يأخذ الرسالة حتى عبر الحدود بين أرض مصر وفلسطين، وبلغ بسيره العريش، وهناك أتى له بالكتاب فقرأه ثم سأل من حوله أنحن في مصر أم في الشام ؟ فقيل له نحن في مصر. فقرأ على الناس كتاب الخليفة الذي يدعوه للمضي إذا كان قد دخل مصر ، أو العودة إذا لم يكن قد دخلها بعد ، فقال: إذن نسير في سبيلنا كما يأمرنا أمير المؤمنين.

* هدموا وأحرقوا وخربوا
الاستيلاء على بلوز (الفرما) وسقوط حصن بلبيس- يناير 640م (4)

وصل العرب إلى مدينة بلوز (برمون بالقبطية-الفرما بالعربية)، في نهاية سنة 639م ، وكانت مدينة قوية بها حصون وبها كثير من الآثار المصرية والكنائس والأديرة. وكانت تعتبر مفتاح مصر الشرقي. فبرز له راهبا البلاد، وهما أبو مريم وأبو مريام، ومعهم الأرطبون القائد الروماني الشهير الذي هرب من الشام ، ودار بين عمرو بن العاص وبين الراهبين حوار انتهى فيه عمرو لإمهالهم خمسة أيام للتشاور ، ولما تشاوروا فيما بينهم اتفقوا على القتال ورفض الجزية او الإسلام ، وخالفوا قائدهم العام المقوقس الذي غادرهم وتوجه إلى حصن بابليون، وخرج الأرطبون والراهبان ومن معهما لقتال المسلمين عند حصن بلبيس، وذلك بعد شهر من الحصار، فانتصر المسلمون وقُتل الأرطبون (5) .
وقد ساهم في مقاومة العرب ابنه قيرس (المقوقس) أرمانوسة وما لبست أن سقطت أسيرة في يد عمرو بن العاص ، فأرسلها إلى صديقه و أبوها الخائن ... فظهر أنها كانت أشرف من أبيها واكثر حرصا على مصر (6)
استمرت الحرب متقطعة بين العرب وبين حامية المدينة مدة تترواح بين 1-3 أشهر . واستولى العرب عليها بعد قتال عنيف، وهدموا الحصن، وأحرقوا السفن وخربوا الكنائس الباقية بها.

* وقتلوا من وجدوا بها من رجال ونسوة وأطفال
الغارة الأولى على الفيوم والبهنسا - أوائل مايو 640م (7)
ثم عبر العرب النيل تجاه الفيوم ، وكانت ثغور الفيوم ومداخلها قد حرست حراسة حسنة وأقام الروم حامية لهم في حجر اللاهون، فعدل العرب إلى جانب الصحراء وجعلوا يستاقون ما لاقوا من الأسلاب ، فأخذوا منها عددا عظيما، وما زالوا كذلك حتى بلغوا مدينة اسمها البهنسا فدخلوها عنوة وقتلوا من وجدوا بها من رجال ونسوة وأطفال، ولم يستطيعوا غزو مدينة الفيوم لقوة الحامية الرومانية بها ساعتها ، وعادوا أدراجهم منحدرين مع النهر.

* مقتلة عظيمة
حصن أم دنين موقعة عين شمس - منتصف يوليو 640 (8)

زحف المسلمون بعدها إلى حصن أم دنين شمال حصن بابليون، فوجدوا حامية كبيرة رومانية، فأحدث المسلمون بهم مقتلة عظيمة، وتوقع الروم عندها أن عمرو بن العاص سوف يتوجه مباشرة نحو حصن بابليون ، ولكن عمرو بن العاص توجه غربًا، فعبر النيل، وكأنه يريد أن يوهم العدو أنه منصرف إلى بلاد النوبة، وزاد في مناورته فاتجه جنوبًا ناحية الفيوم، ثم استدار ليهجم على الحصن من ناحية الجنوب، ولكنه فوجئ أن الروم قد أرسلوا إمدادات ضخمة لمصر، فعندها لزم عمرو الصحراء في الفيوم، فلم يبرحها، واستجم قليلاً، وأرسل للخليفة عمر يطلب مددًا.

ووصل الأمداد في 6 يونيو 640م (9) بقيادة الزبير بن العوام ابن عم النبي وصاحبه وأحد رجال الشورى الستة، وكان معه أربعة آلاف رجل، ثم جاء في عقبه كتيبتان كل منهما أربعة آلاف رجل، فكان جميع ما جاء من الإمداد أثنى عشر ألفا.

وتجمعت جيوش العرب عند عين شمس (هليوبوليس- بالقبطية (أون)) ، وحدثت المعركة في الموضع الذي يسمى اليوم (العباسية) في منتصف يوليو 640 . واستولى العرب بعد انتصارهم هذا على حصن أم دنين بعد مقتل معظم حاميته ، وهرب من كان فيه من الروم إلى حصن بابليون أو إلى حصن نقيوس . وقد كان الزبير هو السبب في سقوطها بتسلقه فوق السور ، وبعدها رفض عمرو رد السبايا إلى ابو مريم وأبو مريام على الرغم من المصالحة ، ولما وافق عمر بن الخطاب كان الكثير من السبايا قد تم توزيعهم بالفعل على مسلمي مكة والمدينة والأقطار الأخرى (10)

* و أحدثوا في أهلها مقتلة عظيمة
غزو الفيوم : أواخر يوليو 640م (11)
لما بلغت أنباء نصر العرب إلى الفيوم غادرها من بها من المسالح الرومانية ، فخرج (دومنتياس) قائد الحامية من المدينة، في الليل وسار إلى (أبويط) ثم هرب إلى نقيوس، ولما بلغ نبأ هروبه إلى عمرو بن العاص، بعث كتيبة من جنده عبروا النهر وغزوا مدينتي الفيوم وأبويط وأحدثوا في أهلها مقتلة عظيمة فسقطوا دون دفاع ، ولم ينج من هذه المذبحه الا جندى واحد اسمه زخارى ، فكان السبب في سقوطها هو خروج الحامية الرومانية منها بقيادة دومنتياس الذي هرب تاركا جيشه للذبح ، وكذا لغباء ليونيوس قائد المدد الروماني والذي ترك نصف جيشه لمساعة الفيوم وعاد إلى الاسكندرية بدلا من البقاء للقتال

* مذبحة الخديعة
حصار حصن بابليون لمدة 7 أشهر : بدءا من أوائل سبتمبر 640م (12)
ثم توجه عمرو بعد ذلك إلى حص بابليون وكان حصنا عظيما، أسواره بارتفاع نحو ستين قدما وسمكها ثمانية عشر قدما، وبه أربعة أبراج بارزة بينها مسافات غير متساوية، وكانت جزيرة الروضة خلف الحصن ذات حصون ومنعة في ذلك الوقت ، وكانت تزيد من قوة حصن بابليون وخطره الحربي، بأنها في وسط النهر تملك زمامه.
ويظهر من قول بن دقماق أن العرب غزوا تلك الجزيرة في أثناء حصارهم لحصن بابليون، فلما خرج الروم من هناك هدم عمرو بعض أسوارها وحصونها. (13)
ولم يسقط الحصن إلا بالخديعة في قول يوحنا النقيوسي ، فقد أوهم العرب الروم بالانسحاب حتى يخرجوا من الحصن ، ولما خرجوا أطبق عليهم عمرو من ثلاث جهات (14) ، بينما يرجع المقريزي وغيره سقوط الحصن إلى الزبير (15)

* فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر
تسليم الحصن (معاهدة بابليون الأولى): أكتوبر 640م . (16)

ولما بانت بوادر الهزيمة خرج قيرس (المقوقس) الحاكم الروماني سرا من حصن بابليون وذهب إلى جزيرة الروضة لمفاوضة العرب، وأرسل من هناك رسلا إلى عمرو بن العاص، ورد عمرو على المقوقس بقوله: ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال أم الإسلام أو الجزية مع الصغار أو القتال والدم
وكان مفاوض الأعراب عبادة بن الصامت ، الذي كرر هذه الشروط الثلاثة للمقوقس ، وعلى الرغم من محاولة المقوقس اقناع اصحابه من الروم والأقباط بقبول الجزية إلا أنهم رفضوا الذل والعبودية وترك المسيحية

(فقالوا: أو يرضى أحد بهذا الذل! أما ما أرادوا من دخولنا إلى دينهم فهذا ما لا يكون أبدا، نترك دين المسيح ابن مريم وندخل في دين لا نعرفه. وأما ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيداً فالموت أيسر من ذلك؛ لو رضوا منا أن نضعف لهم ما أعطيناهم مراراً كان أهون علينا وأمروا بقطع الجسر من الفسطاط والجزيرة وبالقصر من جمع القبط والروم جمع كثير فألح المسلمون عند ذلك بالقتال على من في القصر حتى ظفروا بهم وأمكن الله منهم فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر) –(17)

فأرسل المقوقس مرة أخرى إلى عمرو عارضا قبول الجزية. وعندما وصلت أخبار هذه المعاهدة إلى هرقل أرسل إلى المقوقس يأمره أن يأتي إليه على عجل.

* قوم الموت لخراب الأرض
ولما استدعى هرقل المقوقس إلى القسطنطينية في منتصف نوفمبر640م (18) ، حاول المقوقس أن يدافع عن نفسه أمام الإمبراطور بكلام لم يقتنع به هرقل، وغضب عليه واتهمه بأنه خان الدولة وتخلى عنها للعرب، ونعته بالجبن وأسلمه إلى حاكم المدينة، فشهر به وأوقع به المهانة ثم نفاه من بلاده طريدا. وكان المقوقس يرى أن العرب هم قوم الموت. وأن الله أخرجهم لخراب الأرض. (19)

واستمر القتال حول حصن بابليون إلى قرب نهاية عام 640 بعد رفض هرقل لمعاهدة المقوقس، حول حصن بابليون ، إلى أن وصلت الأخبار بموت هرقل. في11 فبراير 641م ، وكان لهذا أثرا سيئا على الجنود أدى إلى عرض قائد الحصن جورج الاستسلام ، وتسلم العربان حصن بابليون في إبريل 641م . ( 20)

* فقتلهم وخربها
في الطريق إلى نقيوس (خربة وردان) :
في الطريق إلى نقيوس أخرب عمرو قرية "خربة وردان" وكان عمرو حين توجه إلى الإسكندرية خرب القرية التي تعرف اليوم بخربة وردان، واختلف علينا السبب الذي خربت لأجله. فحدثنا سعيد بن عفير أن عمر لما توجه إلى نقيوس عدل وردان لقضاء حاجته عند الصبح فأختطفه أهل الخربة فغيبوه، ففقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره فوجدوه فى بعض دورهم فأمر بإخرابها وإخراجهم منها، أم المصادر الإسلامية فتبرر بشاعة الحداثة بأن أهل الخربة كانوا رهبانا كلهم !! فغدروا بقوم من صحابة عمرو، ووجه إليهم وردان فقتلهم وخربها، فهي خراب إلى اليوم. (21) ، ثم مر العرب بمدينة قديمة معروفة باسم طرنوتي، أو كما يسميها العرب الطرانة، وحدثت هناك موقعة انهزم فيها الروم، وواصل عمرو سيره إلى نقيوس.

* ولم يدعوا رجلا ولا امرأة ولا طفلا
استيلاء العرب على نقيوس وما حولها في 13 مايو 641م (22)

وكانت مدينة نقيوس كائنة على فرع رشيد للنيل في الشمال الغربي من منوف وأشهر أساقفتها يوحنا النقيوسي، الذى عاصر الغزو العربي وكتب تاريخه المشهور كشاهد عيان على الغزو
وقد استطاع العرب أن يقتحموا الحصن ومدينة نقيوس ، بعد هروب قائد حاميتها الروماني (دومنتياس) الذي هرب سابقا من الفيوم ، وأكمل هروبه بالفرار إلى الإسكندرية، ودخلوا المدينة وأوقعوا بأهلها وقعة عظيمة،

قال يوحنا النيقوسي: "فقتلوا كل من وجدوه في الطريق من أهلها، ولم ينج من دخل الكنائس لائذا، ولم يدعوا رجلا ولا امرأة ولا طفلا، ثم انتشروا فيما حول نقيوس من البلاد فنهبوا فيها وقتلوا كل من وجدوه بها، فلما دخلوا مدينة (صوونا)، وجدوا بها (اسكوتاوس) وعيلته وكان يمت بالقرابة إلى القائد (تيودور) وكان مختبئا في حائط كرم مع أهله، فوضعوا فيهم السيف فلم يبقوا على أحد منهم".
فكان هذا دليلا على توحش العرب ، وكراهية الأقباط لهم ، وأن العرب لم يفرقوا بين الروم والأقباط فأمعنوا القتل في كلاهما (23)

* وقتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة
كوم شريك ومذبحة كريون:

وبعد مذبحة نقيوس والاستيلاء عليها، واصل العرب سيرهم ، وعلى مشارف الأسكندرية بلغ عمرو مريوط، فلقي فيها طائفة من الروم، فقاتلهم قتالاً خفيفاً، وهزمهم ، ومضى عمرو بمن معه حتى لقي جمع الروم بكوم شريك، فاقتتلوا ثلاثة أيام، فغلبهم المسلمون. (24)
ثم التقوا بسلطيس، فاقتتلوا قتالاً شديداً، ثم هُزم القبط ، ثم التقوا في مدينة كريون وهي آخر سلسلة من الحصون بين حصن بابليون والإسكندرية، وكان لها شأن عظيم في تجارة القمح، و كان لها أيضا خطر عظيم في الحرب، إذ كانت تشرف على الترعة التي عليها جل اعتماد الإسكندرية في طعامها وشرابها، ولكن حصونها لم تكن قوية مثل حصن بابليون ولا حصن نقيوس. وحدث هناك قتال عنيف، و كان قتالا شديدا استمر بضعة عشر يوما. وكانت معركة تساوت فيها الكفتان وجرح فيها عبد الله بن عمرو ، فلما بلغ خبره لعمرو صلى صلاة الخوف (25)، ثم قتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة وأتبعوهم حتى بلغوا الإسكندرية (26) ، وبغزو العرب لكريون، خلا أمامهم الطريق إلى الإسكندرية، وكان عدد جيش عمرو عشرين ألفا حينئذٍ ، غير الحاميات التي تركها في بابليون ونقيوس وغيرها. (27)

ثم مات قسطنطين ابن هرقل في 25 مايو 641م (مائة يوم من الحكم فقط) الذي كان مستعدا للحرب بجيوش أبيه
وبموته ، آل الحكم كله إلى أخيه هرقلوناس، الذى آثر الصلح ، وأعد العدة لإرجاع المقوقس إلى مصر ليصالح العرب . (28)

* جزية قائمة أحب إلينا من غنيمة تقسم
بداية الهجوم على الإسكندرية : آخر يونيو 641م (29)
فلما وصلوا إلى بلهيب (قرية الريش) بالقرب من الأسكندرية أرسل الحاكم إلى عمرو ابن العاص: إنيّ قد كنت أخرج الجزية إلى من هو أبغض إلىّ منكم معشر العرب لفارس والروم، فإن أحببت أن أعطيك الجزية على أن تردّ علىّ ما أصبتم من سبايا أرضي فعلت. فورد الجواب من عمر الخليفة : لعمري جزية قائمة أحب إلينا من غنيمة تقسم ثم كأنها لم تكن، وأما السبي فإن أعطاك ملكهم الجزية على أن تخيروا من في أيديكم منهم بين الإسلام ودين قومه فمن اختار الإسلام فهو من المسلمين ومن اختار دين قومه فضع عليه الجزية، وأما من تفرق في البلدان فإنا لا نقدر على ردهم (30) .

فلم يعصمهم دين محمد من السرقة واستعباد الناس بالجزية بل هي أحب من غنيمة تقسم ، فهي غنيمة دائمة سنوية

سار بعدها عمرو بن العاص بجيشه متجها إلى الإسكندرية من ناحية الجنوب الشرقي للمدينة، وكانت الإسكندرية (31) ، حتى القرن السابع أجمل مدائن العالم وأبهاها، فلم تبدع يد البناء قبلها ولا بعدها شيئا يعدلها، اللهم إلا روما وقرطاجنة القديمتين.

وكانت أسوارها منيعة تحميها آلات المجانيق القوية، فكانت محاولات عمرو لاقتحامها بدائية و طائشة غير موفقة، فرمت مجانيق الروم من فوق الأسوار على جنده وابلا من الحجارة العظيمة، فارتدوا باعدين عن مدى رميها، وقد تأكد عمرو أنه لن يستطيع أخذها بالهجوم لمنعتها بالبحر وقوة أسوارها
أما ما تركه الروم حول المدينة ، من قصور بديعة ومنازل جليلة فيما وراء الأسوار ، صار فيئا للعرب، فغنموا منها غنيمة عظيمة، وهدموا كثيرا منها ليأخذوا خشبها وما فيها من حديد، وأرسلوا ذلك في سفن بالنيل إلى حصن بابليون كي يقيموا به جسرا ليعبروا عليه إلى مدينة لم يستطيعوا من قبل أن يعبروا إليها.
ومضى أكثر من شهر يونيو، وعول عمرو على أن يخلف في معسكره جيشا كافيا للحصار ، وأن يسير هو مع من بقي من الجنود، فيضرب بهم في منطقة مدن الدلتا شمال مصر. (32)

* مقاومة قبطية واحراق المسلمين للمزارع
فسار عمرو بن العاص إلى( كريون) ومن ثم إلى (دمنهور) ثم سار إلى الشرق يجوس خلال الإقليم الذي يعرف اليوم باسم الغربية، حتى بلغ (سخا) ، وكان موضعا حصينا، ولم يفلح عمرو في غزوها أمام المقاومة القبطية
فساروا نحو الجنوب ولعلهم اتبعوا (بحر النظام) حتى بلغوا (طوخ) ومن (طوخ) ساروا إلى (دمسيس)، وقد ارتدوا كذلك عن هاتين القريتين ولم يستطيعوا غزوهما ، ولم يجد أهلهما الأقباط مشقة في صد العربان.
ويرد مع هذه الأخبار ذكر غزوة للقرى التي على فرع النيل الشرقي، قيل إن العرب قد بلغوا فيها مدينة (دمياط)، ولعل تلك الغزوة كانت على يد سرية عمرو في هذا الوقت نفسه. ولم يكن من أمرها غير إحراق المزارع، وقد أوشكت أن ينضج ثمرها، فلم تقع أيا من المدائن في الدلتا في خلال 12 شهر .
فكانت المقاومة القبطية شوكة في حلوق العربان لفترة على الأقل ، ومحطمة لأسطورة إسلامية كاذبة تدعي ترحيب الأقباط بالمسلمين إلى مصر . والحقيقة أنهم رأوا المسلمين غزاة مثل الرومان (33)

* خيانة المقوقس
ولما عاد قيرس المقوقس إلى مصر في 14 سبتمبر 641م (34) بأمر من هرقلوناس، كتب تسليم الاسكندرية للعرب في 8 نوفمبر 641م مؤكدا رغبته الدفينة في الخيانة من أجل نوال سلطة على الكنيسة القبطية ، فقد كان على صلات حميمة مع عمرو بن العاص ، حتى أنه طلب من عمرو صديقه ثلاث طلبات منها أن يدفنه في بخنس (35) مما يشير خيانة واضحة وعلاقة حميمة مع عدو من أجل السلطة (36)
فلما عاد عمرو فاشلا من غزو الدلتا إلى بابليون ، وافاه المقوقس وقد جاءه يحمل عقد الإذعان والتسليم، فرحب به عمرو وأكرم وفادته. وكتب عقد الصلح (صلح تسليم الإسكندرية)، يوم 8 نوفمبر 641م وأهم شروطه: دفع الجزية وهدنة لتوقف القتال ، والسماح للروم بالرحيل (دون الأقباط) معهم متاعهم وأموالهم من الاسكندرية ، وأن يمنع المسلمين أيديهم عن المسيحيين وكنائسهم ، وأن يباح لليهود البقاء في الاسكندرية (37)
أمضي عهد الصلح في بابليون ، وأقره عمر بن الخطاب ثم هرقلوناس . ثم دعا المقوقس كبار قواد الجيش وعظماء رجال الدولة في الاسكندرية ، وأقنعهم بالفوز المشئوم ، وما هو بفوز (38) ، وبدون هذا الصلح والتسليم الغير مبرر لمدنية كانت من الممكن أن تصمد على الأقل لثلاث سنين ، أثبت التاريخ أن أقوى الأسلحة في الحروب هي الخيانة من وراء الأسوار (39)

* العرب وأول جزية من الأسكندرية في 10 ديسمبر 641م (40)
وتعجب أهل الاسكندرية ، وقد فاجأهم طلوع فئة من العرب على المدينة، لم يأتوا ليقاتلونهم، بل ليحملوا الجزية التي اتفق عليها قيرس المقوقس في عقد الصلح ، ولما هاج الناس ، استطاع قيرس (المقوقس) بما أوتي من بلاغة وفصاحة على تخفيف جنايته، وتهوين خيانته، في مقالته التي قالها بين الناس، وجعل يبرر ما كان منه.

* ومات قيرس (المقوقس) مغضوبا عليه من الأقباط والرومان على حد سواء (41) بأصابته بداء (الدوسنطاريا)
Dysentery في يوم أحد السعف، ومات منه في يوم الخميس الذي بعده في 21 مارس 642م.

* القتال للاستيلاء على مدن شمال الدلتا والمقاومة القبطية -يوليو 642م
قاوم الأقباط الغزو العربي الإسلامي في مدن شمال الدلتا، مثل: إخنا ، رشيد ، البرلس ، دمياط ، خيس ، بلهيب ، سخا ، سلطيس ، فرطسا ، تنيس ، شطا ، وغيرها. (42)
واستمرت مقاومة المصريين للعرب في منطقة الدلتا (43) وظلت إلى ما بعد سقوط الإسكندرية، ومنهم أهل تنيس وما يليها من البلاد الواقعة في إقليم تلك البحيرة، الذين كانوا من القبط الخلص، تنبض قلوبهم بما تنبض به قلوب القبط، " وسار المسلمين لغزو تنيس، فبرز لأهلها، وقاتلهم قتالاً شديداً، حتى قتل [قائدهم] في المعركة بعدما أنكى فيهم، وقتل منهم، فحمل من المعركة، ودفن في مكانه المعروف به، خارج دمياط " (44)

* ولما عقدت معاهدة تسليم الإسكندرية بين المقوقس والعرب، كان من شروطها أن جنود الروم ومن حل بالإسكندرية من الرومان لهم الخيار إذا شاءوا جلوا عنها بحرا وبرا، وأما القبط فلم يذكروا فيه بشيء، فلما رأى اللاجئون بالإسكندرية أن السفن تحمل كل يوم طوائف من الناس إلى قبرص ورودس وبيزنطة، قلقوا وحنوا إلى الرجوع إلى قراهم، فذهبوا إلى المقوقس وطلبوا إليه أن يكلم لهم عمراً في ذلك، وكانوا يعرفون صلته الوثيقة بقائد العرب، ولكن الظاهر أن عمراً لم يبيح لهم الجلاء، إذ كانت الحرب لا تزال ثائرة في بعض قرى الدلتا ، وكان أكثر اللائذين إلى الاسكندرية من هذه المدن ، فلو أبيح لهم الرجوع إلى قراهم لما أمن أن يقاتلوا جنود المسلمين بأنفسهم، أو أن يمدوا المدائن التي كانت لا تزال مصرة على القتال ولم يغزها المسلمون بعد.
غير أن قيرس (المقوقس) آلمه ألا يجيبه عمرو إلى طلبه، وكان ألمه من ذلك شديداً، فقد كان يطمع أن يستميل إليه بعض القبط، ولعله كان يرمي من وراء ذلك إلى أن ينسيهم شيئا من حقدهم عليه، فكان هذا الرفض الذي رفضه عمرو لطلبه، ضربة شديدة أصابت سياسته في هذا الشأن. وكان ذلك قبل وفاته مباشرة

* ما يقرب من 170 ألف قتيل و 600 ألف أسير في أثناء الحصار وبعده
جلاء الروم الأول عن الإسكندرية في 17 سبتمبر 642م (45)

كان يقوم على ترحيل جنود الروم من الإسكندرية ومن بلاد الدلتا ، اثنان من القادة، هما (تيودور) الذي أصبح حاكم مصر بعد موت المقوقس و(قسطنطين) الذي أصبح القائد الأعلى لجيش الروم بعد (تيودور).
وكان العدد التقريبي للروم بالإسكندرية 200 ألف من الرجال ، وفي 17 سبتمبر 642م ، كانت حوالى 100 سفينة من أسطول الروم تحل قلاعها وترفع مراسيها وتسير إلى قبرص بمن كان عليها من فلول الروم الذين كان يقدر عددهم بنحو ثلاثين ألف (30 ألف ) جندي، يحملون معهم متاعهم، ويرفف عليهم الأسى. وبقي من بقي من الأسارى فأحصي يومئذ ستمائة ألف، سوى النساء والصبيان . أي أنه من بين 200 ألف لم ينجو سوى 30 ألف ، ففاقت عدد الضحايا أثناء الحصار والجلاء 170 ألف والأسرى 600 ألف رجالا خلا النساء والأطفال

ثم دخل العرب بجيوشهم لأول مرة الاسكندرية بعد جلاء الرومان وانتهاء الهدنة (11 شهر) في 29 سبتمبر 642م العرب ، وفي نفس الليلة التي دخلها عمرو، هرب منها سبعون ألف يهوديّ (46) ... ربما لمعرفتهم بمدى توحش العرب من حروبهم السابقة .

وبعد دخول العرب الاسكندرية بعامين كاملين ، وفي خريف سنة 644م ، عاد البابا بنيامين البطريرك القبطي بعد هروب دام 13 عام (47). عشر سنين في عهد الرومان وحكم المقوقس، وثلاث سنوات في مدة حكم العرب. (48)
فالبابا بنيامبن لم يعد مباشرة بعد استقرار أجزاء كبيرة من مصر في يد العربان بل انتظر ما يقرب من ثلاث سنوات بعد الغزو العربي ، وسنتين بعد سقوط الاسكندرية ليظهر مرة أخرى (49) ، مما يؤكد على نظرة الأقباط للعرب كمحتلين غازين ينشرون الرعب والدمار لا الأمان والسلام .

* الخلاف حول الجزية ... إنما هو فئ المسلمين
كانت العلاقة بين الخليفة عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص، علاقة متوترة وغير طيبة، وقد كرر ابن الخطاب إرسال خطابات شديدة اللهجة وغير ودية إلى ابن العاص، يؤنبه فيها بشدة، على تأخيره في إرسال الخراج، من الأموال والخيرات إلى دار الخلافة بمكة.
ويقول ابن الخطاب في أحد خطاباته: "أما بعد فإني عجبت من كثرة كتبي إليك في إبطائك بالخراج ....ولم أقدمك إلى مصر أجعلها لك طعمة ولا لقومك، ولكني وجهتك لما رجوت من توفيرك الخراج ومن حسن سياستك، فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل الخراج فإنما هو فئ المسلمين وعندي من قد تعلم قوم محصورون والسلام".
فلك يلبث أن أرسل الخليفة عمر بن الخطاب (محمد بن سلمة) إلى مصر و أمره أن يجبي ما استطاع من المال فوق الجزية التي أرسلها عمرو بن العاص من قبل. ثم أرسل بعد ذلك عبد الله بن سعد بن أبي سرح في أكتوبر 644م ، وولاه حكم الصعيد والفيوم، وجباية الخراج وترك عمرو لقيادة الجيش . (50)

ثم قتل الخليفة عمر بن الخطاب ودفن (7 نوفمبر 644م) ،وتولى بعده عثمان بن عفان في خلال ثلاثة أيام (10 نوفمبر 644م) (51).

ويذكر ، أنه عندما تولى عثمان الخلافة ، عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر تماما، وجمع ولايتها جميعها لعبد الله بن أبي سرح، وكان يقيم في مدينة (شطنوه) في إقليم الفيوم. وقد اختلفت الآراء في هذا الوالي الجديد لمصر، فيصفه الطبري بأنه لم يكن في وكلاء عثمان أسوأ من عبد الله والى مصر. وقد ولاه الخليفة عثمان قصدا، لكي يزيد في جباية الجزية، وقد جعل عبد الله بن أبي سرح، أول همه زيادة الضرائب على أهل الإسكندرية.

وخرج عمرو بن العاص من مصر بعد عزله، وسار إلى المدينة ناقما على عثمان. (52)

* ثم ثارت الأسكندرية على طغيان العرب في نهاية سنة 645م
ثم حدث أن قدم صاحب أخنا على عمرو بن العاص فقال له : أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فنصير لها. فقال عمرو، وهو يشير إلى ركن كنيسة : لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم، وإن خفف عنا خففنا عنكم ، وكان سبب نقض الإسكندرية وثورتها (53)

ثم بعث الإمبراطور قسطانز في القسطنطينية، بأسطول عظيم يتكون من حوالي 300 سفينة محملة بالجنود بقيادة منويل للاستيلاء على الإسكندرية، وكان بالمدينة حوالي ألف جندي من العرب للدفاع عنها، فغلبهم الروم وقتلوهم جميعا إلا نفراً قليلا منهم استطاعوا النجاة، وعادت بذلك الإسكندرية إلى ملك الروم، وكان عمرو عند ذلك في مكة معزولا عن الحكم . (54)

عودة عمرو بن العاص وموقعة نقيوس الثانية (آخر فصل الربيع 644م)
لما وصلت أنباء ثورة الإسكندرية، إلى مكة، أمر الخليفة عثمان بأن يعود عمرو بن العاص إلى قيادة جيش العرب في مصر، وكانت نقيوس وحصن بابليون، وغيرها،لا تزال في يد العرب.

وسار الروم على مهل حتى اُستدرجوا إلى نقيوس، وهناك لقيهم طلائع العرب، ولعل جيشهم كان إذ ذاك خمسة عشر ألفا، ودارت معركة حامية بين الطرفين، انتهت بهزيمة جيش الروم، الذي انسحب إلى الإسكندرية، وأقفل الروم أبواب المدينة واستعدوا للحصار. (55)

* ودخلوها يقتلون، ويغنمون، ويحرقون
سقوط الأسكندرية للمرة الثانية بخيانة ثانية (صيف سنة 646م )
كما يقول بتلر في ص 357 : إنا لا نكاد نعرف في تاريخ الإسكندرية، أنها أخذت مرة عنوة، بغير أن يكون أخذها بخيانة من داخلها. فقد قيل إنه كان في الإسكندرية، بواب اسمه (ابن بسامه)، سأل عمراً أن يؤمنه على نفسه وأهله وأرضه ويفتح له الباب، فأجابه عمرو على ذلك.ومهما يكن من الأمر، فقد أخذ العرب المدينة عنوة، ودخلوها يقتلون، ويغنمون، ويحرقون، حتى ذهب في الحريق كل ما كان باقياً على مقربة من الباب في الحي الشرقي، ومن ذلك كنيسة القديس مرقس، واستمر القتل حتى بلغ وسط المدينة، فأمرهم عمرو برفع أيديهم، وبنى مسجداً في الموضع الذى أمر فيه عمرو برفع السيف، وهو مسجد الرحمة. وقد لاذت طائفة من جند الروم بسفنهم، فهربوا في البحر، ولكن كثيرا منهم قتل في المدينة، وكان منويل من بين من قتل، وأخذ العرب النساء والذراري فجعلوهم فيئاً. (56)

وهدم عمرو الأسوار الشرقية حتى سواها بالأرض. (57)

* كماسك البقرة بقرينيها، وآخر يحلبها

ولم يبق عمرو في مصر بعد استقرار الأمر إلا شهراً واحداً، ثم خرج وتركها لعبد الله بن سعد . حيث تم استدعاؤه في خريف سنة 646م إلى مكة ، ولما عرض الخليفة عثمان بن عفان على عمرو ابن العاص أن يجعله قائد جند مصر، على أن يكون عبد الله بن سعد بن أبى سرح، حاكمها وعاملا على ولاية خراجها، ولكن عمرو بن العاص رفض، ورد قائلا: إناّ إذن كماسك البقرة بقرينيها، وآخر يحلبها . ولكن الخليفة لم يبق عليه إذ قد فرغ من غرضه منه، وقضى به على ثورة مصر، وكان في حاجة عند ذلك إلى من يستخرج له الأموال من أهلها، فوجد طلبته في عبد الله بن أبي سرح، وخرج عمرو على ذلك من البلاد. (58)

* تولية عمرو حاكما لمصر مرة أخرى في أغسطس سنة 658م (59)
ثم بعد مقتل عثمان، تولى الخلافة، علي بن أبي طالب، ولكن مبايعته للخلافة لم تكن بالإجماع، فثار نزاع دموي طويل، بين علي ومعاوية، انتهى بمقتل علي، وتنازل إبنه الحسن عن الخلافة لمعاوية.
وكان عمرو بن العاص موالياً لمعاوية في نزاعه مع علي، وجاء إلى مصر مناصراً له، فعينه معاوية بعد ذلك، واليا على مصر مكافأة له على مساعدته، ودفاعه عنه، ضد على بن أبي طالب.

************************
* ومن أقوالهم تنطق الحقيقة في غزو مصر:

* ابن العاص يقتل بطرس ويستولي على أمواله
عن هشام بن أبي رقية اللخميّ: أن عمرو بن العاص لما غزا مصر قال لقبط مصر: إن من كتمني كنزاً عنده فقدرت عليه قتلته، وإنّ قبطياً من أرض الصعيد يقال له: بطرس، ذكر لعمرو: إن عنده كنزاً فأرسل إليه فسأله، فأنكر، وجحد فحبسه في السجن، وعمرو يسأل عنه: هل تسمعونه يسأل عن أحد؟ فقالوا: لا، إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور، فأرسل عمرو إلى بطرس، فنزع خاتمه، ثم كتب إلى ذلك الراهب : أن ابعث إليّ بما عندك، وختمه بخاتمه، فجاء الرسول بقُلَّة شامية مختومة بالرصاص، ففتحها عمرو، فوجد فيها صحيفة مكتوب فيها : ما لكمَ تحت الفسقية الكبيرة فأرسل عمرو إلى الفسقية، فحبس عنها الماء، ثم قلع البلاط الذي تحتها، فوجد فيها اثنين وخمسين أردباً ذهباً مصرياً مضروبة، فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد، فأخرج القبط كنوزهم شفقاً أن يبغي على أحد منهم، فيقتل كما قتل بطرس. (60)

* لو أعطيتني من الأرض إلى السقف:
ثم حدث أن قدم صاحب أخنا على عمرو بن العاص فقال له : أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فنصير لها. فقال عمرو، وهو يشير إلى ركن كنيسة : لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم، وإن خفف عنا خففنا عنكم (53)

* ابن العاص يستحل مال قبطي:

عن يزيد بن أبي حبيب: إن عمرو بن العاص، استحل مال قبطيّ من قبط مصر لأنه استقرّ عنده أنه يُظهر الروم على عورات المسلمين، ويكتب إليهم بدلك، فاستخرج منه بضعاً وخمسين أردباً دنانير. (61)

* ختم رقاب أهل الذمّة بالرصاص
قال ابن عبد الحكم: وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه، يبعث إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه، وكانت فريضة مصر لحفر خلجها، وإقامة جسورها، وبناء قناطرها، وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفاً معهم الطور والمساحي والأداة يعتقبون ذلك لا يدعون ذلك صيفاً ولا شتاءً، ثم كتب إليه عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : أن تختم في رقاب أهل الذمّة بالرصاص، ويظهروا مناطقهم، ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضاً، ولا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه الموسى، ولا يضربوا على النساء، ولا على الولدان، ولا تدعهم يتشبهون بالمسلمين في ملبوسهم. (62)

* الجزية على الأموات
قال يحيى: فنحن نقول: الجزية جزيتان: جزية على رؤوس الرجال، وجزية جملة تكون على أهل القرية يؤخذ بها أهل القرية، فمن هلك من أهل القرية التي عليهم جزية مسماة على القرية ليست على رؤوس الرجال، فإنا نرى أنّ من هلك من أهل القرية ممن لا ولد له ولا وارث إن أرضه ترجع إلى قريته في جملة ما عليهم من الجزية، ومن هلك ممن جزيته على رؤوس الرجال، ولم يدع وارثاً فإن أرضه للمسلمين. (63)
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن شريح: أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم (64)

* إن شئت قتلت ، وإن شئت خمست، وإن شئت بعت
سمعت عمرو بن العاص يقول على المنبر: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحدٍ من قبط مصر علي عهد ولا عقد. إن شئت قتلت، وإن شئت خمست، وإن شئت بعت، إلا أهل أنطابلس فإن لهم عهداً يوفى لهم به. (65)

* يأخذون الجزية حتى ممن أسلم
وأول من أخذ الجزية ممن أسلم من أهل الذمّة: الحجاج بن يوسف، ثم كتب عبد الملك بن مروان إلى عبد العزيز بن مروان: أن يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمّة، فكلمه ابن حجيرة في ذلك فقال: أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أوّل من سنّ ذلك بمصر، فواللّه إن أهل الذمّة ليتحملون جزية من ترهب منهم، فكيف نضعها على من أسلم منهم فتركهم عند ذلك. (66)

أما يوحنا النقيوسي الشاهد القبطي العيان الوحيد على فظائع الغزو العربي الإسلامي لمصر فيصف الأحداث (67):
في الفصل ( 112 ) : حين يتحدث عن استيلاء العرب على إقليم الفيوم وبويط فيقول:"إن العرب استولوا على إقليم الفيوم وبويط، وأحدثوا فيهما مذبحة هائلة، مات فيها خلق كثيرون من الأطفال والنساء والشيب"

ويذكر يوحنا النقيوسي في الفصل (113) احتلال العرب لأتريب ومنوف: " أن عمرو قبض على القضاة الرومانيين وقيد أيديهم وأرجلهم بالسلاسل والأطواق الخشبية، ونهب أموالا كثيرة وضاعف ضريبة المال على الفلاحين وأجبرهم على تقديم علف الخيول، وقام بأعمال فظيعة عديدة..."

و يصف في الفصل (118) وقائع الاستيلاء على نقيوس (بعد هروب الجيش الروماني من المدينة) فيقول:
" أتى المسلمون بعد ذلك إلى نقيوس واستولوا على المدينة ولم يجدوا فيها جنديا واحدا يقاومهم، فقتلوا كل من صادفهم في الشوارع وفي الكنائس، ثم توجهوا بعد ذلك إلى بلدان أخرى وأغاروا عليها وقتلوا كل من وجدوه فيها، وتقابلوا في مدينة صا باسكوتارس ورجاله الذين كانوا من عائلة القائد تيودور داخل سياج كرم فقتلوهم، وهنا فلنصمت لأنه يصعب علينا ذكر الفظائع التي ارتكبها الغزاة عندما احتلوا جزيرة نقيوس في يوم الأحد 25 مايو سنة 642 في السنة الخامسة من الدورة".

ثم يقول في الفصل (121) من المخطوطة: "ويستحيل على الإنسان أن يصف حزن وأوجاع المدينة بأكملها، فكان الأهالي يقدمون أولادهم للعرب بدلا من المبالغ الضخمة المطلوب منهم دفعها شهرياً، ولم يوجد هناك من يقوم بمساعدتهم، وقد تركهم الله ودفعهم إلى أيدي أعدائهم".

************************
كم من الجرائم ارتكبها أتباع محمد ؟
كم من القتلي سقطوا تحت أقدام الخيل في طوال خمسة أعوام كاملة بين 20-25 هـ ؟ مئات الألاف أم ملايين ؟
كم من النساء سبيت واغتصبت وبيع أطفالهن غنيمة للمسلمين لعدم قدرتهم على دع الجزية ؟
بل كم من النساء والأطفال قتلوا على يد عمرو وجيوشه العربانية ؟
كم من الأسلاب والغنائم أخذوا ؟
كم من الجرائم ارتكبت ومازال ترتكب في حقوق الإنسان القبطي باسم محمد وإله محمد ودين محمد ؟
كم من المهانة والذل والوحشية التي تعامل بها عرب من البادية بلا حضارة مع أصحاب أعرق حضارة ؟
وكم كان التاريخ قاسيا ، أن أوقع درة الشرق تحت حكم عمرو بن العاص ابن الزنا والذي عايره بها بقية صحابى محمد (68) ، ومن بعده وقعت في يد المرتد عن الإسلام عبد الله بن سعد بن أبي سرح والذي حرف في القرآن ... ، ولما جاء محمد ليقتله في فتح مكة ، استجار له أخوه في الرضاعة عثمان بن عفان فنجا وعاد إلى الإسلام غازيا طامعا في الأموال والأسلاب (69)
كلاهما سايرا التيار ، وكلاهما استحلب خيرات مصر فطعم كثيرا إلى حد التخمة ، لم يروا في مصر الطيبة إلا بقرة حلوب (58) تطعم عربان البادية سالبي الحضارة ، رأوا في مصر غنيمة تدفع الجزية السنوية ، ولما ثار الأقباط الأوائل قتلوهم بوحشية
وألقى الإسلام إلى مصر بأدنى وأحط القوم ، ولم يحكمها بعد ذلك في الأغلب إلا المجاليب والمماليك ، وتحت حكم العبيد من أتباع محمد انتشر تراث العبيد الإسلامي ... واستعبد العبيد شرفاء مصر ... وحكم المجاهيل أرض الحضارة ... ، فهل نسى شرفاء الأقباط تضحيات أجدادهم ، ودمائهم الصارخة من الأرض ؟

أم أنهم يعانون من فقدان الذاكرة فغيروا جلدوهم ، ولبسوا ملابس الرعاع من العربان ، وظنوا أن مصر إسلامية وهي ضحية الإسلام ، وأنها عربية وهي ضحية العربان ... حتى أن أمير جماعة الظلام (الأخوان المسلمون) مهدي عاكف لا يستحي أن يقول وبملء الفم
... (طز في مصر) (70)
ثم نكتفي بعد هذا بقول يوحنا النقيوسي
" وهنا فلنصمت لأنه يصعب علينا ذكر الفظائع التي ارتكبها الغزاة"

يتبع بغزو شمال أفريقيا
--------------------------------
الهوامش والمراجع:
* تم الاعتماد لبناء هيكل الأحداث على المواقع التالية
http://www.islameyat.com/arabic/islameyat/hal_ra7ab/hal_ra7ab1.htm
http://www.coptichistory.org/
مع توثيق الأحداث الهامة من المراجع الأصلية
* أرجو الرجوع للموضوعات السابقة
حروب الردة: http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=78464
غزو العراق: http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=78926
غزو الشام: http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=79471

1)
One s dignity may be assaulted, vandalized and cruelly mocked, but cannot be taken away unless it is surrendered. (Michael J. Fox, in "Saving Milly" by Morton Kondrake
US (Canadian-born) actor (1961 -)
2) ألفرد بتلر –فتح العرب لمصر عربه محمد فريد أبو حديد بك مكتبه مدبولى بالقاهره طبع بمصر 1933 ص226 / الكامل في التاربخ –ابن الأثير ص 451- 452 / المنتظم للجوزي ص 532-534
3) بتلر ص 228 ـ 230 / الكامل ص 451- 452 / المنتظم ص 532-534
4) سلسلة تاريخ الباباوات بطاركة الكرسى السكندرى (تاريخ البطاركة) - صالح كامل نخلة ص 65 / بتلرـ ص234 / النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة –ابن تغري بردي ص2 / تاريخ اليعقوبي ص 164
5) الكامل ص 451- 452 ، المنتظم للجوزي ص 532-534 / تاريخ الملوك- الطبري ص862
6) المواعظ والاعتبار للمقريزي ص 231 / فتوح الشام للواقدي ص286-290
7) بتلر ص254 -255
8) بتلر ص258 / النجوم الزاهرة- يوسف بن تغري بردي ص 2
9) بتلر ص 256 / الكامل ص 451 / المنتظم ص 532-534
10) بتلر ص263 ، الكامل ص 451- 452 ، المنتظم للجوزي ص 532-534 ، الطبري ص863-864
11) بتلر ص264، المواعظ 312 ، كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف أ. ل بتشر طبعة 1900 ج 2 ص 135 ، حسن المحاضرة ص50
12) بتلر ص 270
13) بتلر ص 272
14) تاريخ يوحنا النقيوسى أسقف نقيوس طبع بباريس سنه 1889 ناشره
M. H. Zotenlexg فى مجموعه محفوظات دارالكتب الفرنسيه جزء 24
15) المواعظ 364، تاريخ الإسلام للذهبي ص 398
16) بتلر ص 284
17) الملوك الزاهرة ص 5/ فتوح مصر لابن عبد الحكم ص52
18) بتلر ص291
19) بتلر ص286، المواعظ ص 204، 366
20) بتلرص299
21) بتلر ص309- 310 ، المواعظ ص 211
22) تاريخ البطاركة ص87 / الكامل ص 451- 452 دون ذكر الإسم ، المواعظ ص 211
23) بتلر ص 310-312
24) المواعظ ص 204
25) المواعظ ص204-205
26) فتوح مصر ص 56
27) بتلر ص 316 -317
28) المواعظ ص 205
29) بتلر ص321
30) تاريخ الملوك للطبري ص 860 ، الكامل ص 452
31) يصفها بتلر ص317
32) بتلر ص 320
33) بتلر ص 322 -323
34) بتلر ص 334
35) فخرج إليه المقوقس، فقال: أسألك ثلاثاً، قال: ما هنّ. قال: لا تبذل للروم ما بذلت لي، فإني قد نصحت لهم، فاستغشوني. ولا تنقض القبط، فإنّ النقض لم يأت من قبلهم، وأن تأمر بي إذا متُّ فادفني في بخنس،فقال عمرو: هذه أهونهنّ علينا (المواعظ ص 204، فتوح البلدان للبلاذري ص 87)
36) بتلر ص 331
37) بتلر ص 343 ، المواعظ والاعتبار ص204
38) بتلر ص 353
39) بتلر ص 358
40) بتلر ص 354
41) بتلر ص 380 -381
42) بتلر ص 379، فتوح البلدان ص 87-89، المواعظ 204، حسن المحاضرة للسيوطي ص42-44
43) بتلر ص 377
44) المواعظ ص 269 ، فتوح البلدان ص 88
45) بتلر ص445 / المواعظ ص 208 / فتوح مصر ص 63
46) المواعظ ص207
47) بتلر ص 455 / المواعظ ص 1273
48) بتلر ص473
49) بتلر ص457
50) بتلر ص 473 ، المواعظ 98-99، حسن المحاضرة للسيوطي ص 52
51) كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 62، الكامل ص 480-481
52) الكامل ص 483، بتلر ص 481 ، المنتظم ص 555
53) المواعظ والاعتبار ص 97 ، ص 210 / معجم البلدان –ياقوت الحموي ص 77
54) بتلر ص 486 ، المواعظ ص 209، فتوح البلدان ص 90
55) بتلر ص 486
56) بتلر ص257، 488 ، الكامل ص 481 ، المنتظم ص 555 ، الطبري ص 930 ، المواعظ ص 207 ، 210
ويذكر الطبري عن الواقديّ: وفي هذه السنة نقضت الإسكندرية عهدها، فعزاهم عمرو بن العاص فقتلهم
57) بتلر ص 497 ، المواعظ ص 210
58) بتلر ص 500 ، والمواعظ ص 211 ، حسن المحاضرة ص57
59) بتلر ص 503
60) المواعظ ص 96، حسن المحاضرة ص 44
61) المواعظ ص 96، حسن المحاضرة ص 194، البداية والنهاية ص 2863
62) المواعظ ص 96 ، حسن المحاضرة ص 51
63) المواعظ ص 97
64) المواعظ والاعتبار ص 97 ، ص371 ، مختصر تاريخ دمشق لأبن منظور ص 2074 ، أحكام أهل الذمة –ابن قيم الجوزية ص 20
65) المواعظ ص 371، فتوح البلدان ص88 ، حسن المحاضرة ص 45، البداية والنهاية ص2718
66) المواعظ والاعتبار ص 97
67) مخطوطة يوحنا النقيوسي (مخطوطة النقيوسي المعروفة بتاريخ يوحنا النقيوسي، وهو أسقف نقيوس ـ أبشاتي ـ بمحافظة المنوفية حالياً من أعمال دلتا مصر، والذي عاصر مأساة الغزو العربي لمصر في القرن السابع الميلادي، وسجل مشاهداته لأحداثها الدامية، وقد كتب مخطوطته هذه بلغته القبطية ثم ترجمت لاحقاً إلى اللغة الحبشية ثم العربية، لكن فُقدت النسخ القبطية والعربية وعثرت البعثة البريطانية إلى بلاد الحبشة على النسخة الحبشية، وتوجد الآن نسخة منها في المتحف البريطاني بلندن، ونسخة أخرى في المكتبة الأهلية بباريس، وقام المستشرق زوتنبرغ بترجمتها من الحبشية إلى الفرنسية
68) عمرو بن العاص ابن زنا
وحينئذ يحتمل أن تكون أم عمرو بن العاص رضي الله عنه من القسم الثاني من نكاح البغايا فإنه يقال إنه وطئها أربعة وهم العاص وأبو لهب وأمية بن خلف وأبو سفيان بن حرب وادعى كلهم عمرا فألحقته بالعاص وقيل لها لم اخترت العاص قالت لأنه كان ينفق على بناتي ويحتمل أن يكون من القسم الأول ويدل على ما قيل إنه ألحق بالعاص لغلبة شبهه عليه وكان عمرو يعير بذلك عيره بذلك علي وعثمان والحسن وعمار بن يسار وغيرهم من الصحابة رضي تعالى عنهم (السيرة الحلبية ص 40)
"أن أم عمرو بن العاص كانت من طرائف العرب، فقدمت مكة ومعها بنات لها فوقع عليها نفر من قريش منهم: أبو لهب، وأمية بن خلف، وهاشم بن المغيرة، وأبو سفيان بن حرب، والعاصي بن وائل في طهر واحد، فلما ولدت عمرا، اختلفوا فيه، واختصموا، ثم تركوا الخصام إلى أبي سفيان والعاصي بن وائل، فحكما أمه فقالت: هو للعاصي، فقيل ويلك ما صنعت وأبو سفيان أشرف من العاصي؟ فقالت: إن العاصي يعول بناتي، ولو ألحقته بأبي سفيان، لم ينفق على شيئا" (القرط على الكامل –ابن سعد الخير-ص171)
"كانت النابغة أم عمرو بن العاص أمة رجل من عنزة فسبيت، فاشتراها عبد الله بن جدعان، فكانت بغياً ثم عتقت. ووقع عليها أبو لهب، وأمية ابن خلف، وهشام بن المغيرة، وأبو سفيان ابن حرب، والعاص بن وائل، في طهر واحد، فولدت عمراً. فادعاه كلهم، فحكمت فيه أمه فقالت: هو للعاص لأن العاص كان ينفق عليها. وقالوا: كان أشبه بأبي سفيان." (ربيع الأبرار-الزمخشري ص 363 ، شرح نهج البلاغة –ابن أبي حديد ص632)
69) وعبد الله بن أبي سرح كان مما يحرفون في القرآن وكتب عنه محمد في قرآنه
... وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ ...(الأنعام 93)
وفي تفسير الطبري
عن عكرمة، قوله:. {ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله} نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أخي بني عامر بن لؤي، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان فيما يملي "عزيز حكيم"، فيكتب "غفور رحيم"، فيغيره، ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حول، فيقول: "نعم سواء" فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم : لقد كان ينزل عليه "عزيز حكيم"، فأحوله ثم أقول لما أكتب، فيقول نعم سواء ! ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة، إذ نزل النبي صلى الله عليه وسلم بمر.
عن السدي: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء}.. إلى قوله: { تجزون عذاب الهون} قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح؛ أسلم، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه "سميعا عليما"، كتب هو: "عليما حكيما"؛ وإذا قال: "عليما حكيما" كتب: "سميعا عليما". فشك وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إلي، وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله، قال محمد: "سميعا عليما"، فقلت أنا: "عليما حكيما". فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي أو لبني عبد الدار، فأخذوهم فعذبوا حتى كفروا. وجدع أذن عمار يومئذ، فانطلق عمار إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما لقي والذي أعطاهم من الكفر، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولاه، فأنزل الله في شأن ابن أبي سرح وعمار وأصحابه: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا} فالذي أكره عمار وأصحابه، والذي شرح بالكفر صدرا فهو ابن أبي سرح.

وفي سنن أبي داوود- 4360 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِىُّ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.

70) http://www.alarabiya.net/Articles/2006/04/17/22921.htm