وضع الأقباط تحت حكم مبارك
مجدي خليل
2010 الجمعة 12 مارس – نقلت عن إيلاف
السيدات والسادة أعضاء مجلس إدارة منتدى الشرق الاوسط وباحثى المركز المحترمين
أشكركم لدعوتكم لى للتحدث عن أوضاع الأقباط (المسيحيون فى مصر) فى مركزكم الموقر.
الحديث عن إضطهاد الأقباط فى مصر يستوجب الحديث عن اوضاع مصر بصفة عامة قبل الدخول لتفاصيل الحديث عن أوضاع الأقباط.
تتسم مصر تحت حكم نظام مبارك الحالى بسمات تحدد ملامح حكمه وهى: الإستبداد والفساد والتطرف الدينى وتفشى دور الدولة البوليسية والزيادة السكانية المفرطة. ولهذا تأتى مصر فى مراتب متأخرة فى التقارير الدولية، فوفقا لتقرير البنك الدولى مصر احتلت المرتبة 123 بين دول العالم فى ترتيب التقدم الإنسانى، وفى النظام التعليمى يأتى مركز مصر رقم 126 ضمن 134 دولة صنفهم التقرير. وفى تقارير الشفافية الدولية مصر فى المركز 111، أى بها درجة عالية جدا من الفساد. ويعيش 42% من الشعب المصرى على دخل يقل عن دولار واحد فى اليوم فى حين أن 30% من الشعب لا يعرفون القراءة ولا الكتابة. وتصنف مصر باستمرار فى تقارير منظمة بيت الحرية على أنها دولة غير حرة. وفيما يتعلق بالحريات الدينية يأتى ترتيب مصر كخامس اسوأ دولة فى العالم بعد السعودية وإيران وأوزبكستان والصين وفقا لتقرير منتدى بيو للدين والحياة العامة الصادر يوم 16 ديسمبر 2009، أى أن أفغانستان وباكستان فى وضع أفضل من مصر فيما يتعلق بالقيود على الدين. ويأتى موقع مصر رقم 12 ضمن اسوأ دول العالم التى تمارس العنف الدينى ضد الأقليات الدينية وفقا لنفس التقرير. ومصر مصنفة ضمن لستة المراقبة (ووتش لست) فى تقرير الحريات الدينية الأمريكى ونحن نبذل جهودا مع اللجنة لنقل مصر إلى لستة الدول ذات الوضع الخاص، أى الدول الخطرة فيما يتعلق بوضع الأقليات الدينية فيها.
Countries of particular concern
الرئيس مبارك حريص على أستمرار الحكم وفساده، ومن آجل هذا سعى إلى تنفيس غليان الشارع ضد حكمه الفاسد موجها الكراهية تجاه إسرائيل وأمريكا والأقباط عبر مثلث الكراهية المتمثل فى التعليم والإعلام والخطاب الدينى، وفى حين أن رجل الشارع لا يستطيع الوصول لإسرائيل وأمريكا إلا بالعنف اللفظى أو بتصدير الإرهاب دوليا فأنه يستطيع بسهولة ممارسة العنف ضد جاره القبطى، وليس بمستغرب بعد ذلك خروج حوالى ثلث الإرهابيين فى العالم من مصر علاوة على أن معظم قيادات الإرهاب ومنظرو الفكر الإرهابى خرجوا من مصر أيضا. وتشكل مصر مع السعودية وباكستان وإيران المراكز الرئيسية للإسلامية الدولية ولتفريخ الإرهاب الإسلامى عالميا.
بعد أكثر من ثلاثة عقود من سياسة تشجيع التطرف الإسلامى فى مصر وصل التطرف إلى قلب مؤسسات الدولة حيث أن الكثير من المتطرفين متواجدون حاليا فى قيادة البوليس وأمن الدولة والمخابرات والقضاء والمجلس التشريعى وكافة مؤسسات الدولة. . . ولهذا تحولت الجرائم التى تقع ضد الأقباط من جرائم المتطرفين الإسلاميين إلى جرائم دولة تشارك فيها مؤسسات الدولة المصرية المختلفة. . . فالوصف الحقيقى لما يقع على الأقباط من جرائم هو "جرائم دولة"، أما من ناحية القانون الدولى فالإضطهاد المنظم والقتل المستمر وأغتصاب البنات والترويع كلها جرائم ضد الإنسانية. . . فما يقع على الأقباط هو جرائم دولة وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
● فى عهد الرئيس مبارك وقعت أكثر من 1500 حادثة هجوم على الأقباط منها 240 حادثة اعتداء كبيرة قتل وجرح الآلاف خلال هذه الحوادث بالإضافة إلى سرقة وتدمير ممتلكات تقدر بمئات الملايين من الدولارات. . . فى كافة هذه الحوادث جميعا لم تتحقق العدالة للأقباط ولم يعوضوا عن خسائرهم، وحصل المعتدون فى معظمها على البراءة أمام القضاء وما جاء من أحكام قضائية فى بعضها كان هزيلا.
● فى عهد الرئيس مبارك حدثت مئات من حوادث الأغتصاب ضد الفتيات القبطيات وإجبارهن على الإسلام بما فى ذلك البنات القصر ولم يحال مجرم واحد من مختطفى هذه البنات إلى القضاء.
● يحرم الأقباط من التواجد تماما فى كافة مؤسسات صنع القرارات السيادية فى مصر مثل مجلس الأمن القومى، المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المجلس الأعلى للشرطة، مجلس القضاء الأعلى، مستشاروا رئيس الجمهورية ومعاونيه. . . . الخ.
● لا يوجد قبطى واحد فى كافة أجهزة الأمن التى تشكل العصب الأمنى والمخابراتى للدولة المصرية مثل المخابرات العامة، مباحث أمن الدولة، المخابرات العسكرية، مخابرات رئاسة الجمهورية، الحرس الجمهورى، قواد الجيش، مديرو الأمن. . . الخ
● فى البرلمان الحالى يوجد قبطى واحد منتخب ضمن 444 عضوا.
● حتى الجامعات لا يوجد رئيس جامعة قبطى واحد وممنوع على القبطى أن يكون استاذ لأمراض النساء والتوليد فى كل جامعات مصر.
● فى المناصب الأخرى مثل العمل الدبلوماسى والقضائى وغيره تواجد الأقباط من 1-2% رغم ان نسبتهم العددية فى حدود 15% من تعداد السكان حسب تقديرات الأقباط أو 10% فقط وفقا لتصريحات الرئيس مبارك نفسه لصحيفة الواشنطن بوست.
● بناء الكنائس يحتاج إلى قرار من رئيس الدولة، وحتى إصلاح دورة مياه يحتاج إلى قرار من محافظ الأقليم، علاوة على تحكم أجهزة الأمن والمخابرات فى كل ما يتعلق بالملف القبطى. وقد قمت بدراسة مسحية عن عدد الكنائس والمساجد ووجدت عدد الكنائس حوالى 2. % من تعداد المساجد.
● الدولة غير محايدة فى مسألة التحول بين الأديان وتقدم كافة التسهيلات للقبطى الذى يرغب فى التحول إلى الإسلام فى حين أن المسلم الذى يرغب فى تغيير دينه يعتقل ويعذب ويعرض نفسه للقتل. والقضاء المصرى فى أحكامه المتعددة أقر بحق الدعوة للإسلام بل وضرورتها أما التحول عن الإسلام فهو مرفوض لأنه ردة، ووصلت عنصرية بعض الأحكام القضائية أن جاء فى أحد الأحكام "أن المسلم هو الشخص الشريف وأن من ليس مسلما فهو يفتقر إلى الشرف".
الأقباط ممنوعون من التواجد فى مؤسسات صنع القرار فى مصر لأن هذه المؤسسات تخطط سياساتها العدائية ضد الأقباط ولهذا السبب يحرمون الأقباط من التواجد فيها.
نحن نرى أن كل ما يقع على الأقباط من إضطهاد وتمييز هو مخطط ومقنن وممنهج ومستمر منذ عام 1952 وإزداد بشكل كبير منذ ظهور الاصولية الإسلامية فى العقود الثلاثة الأخيرة.
السيدات والسادة
فى ليلة عيد الميلاد فشل عمر الفاروق فى تفجير إحدى الرحلات المتجهة إلى ديترويت ولكن نجح نفس الإرهاب الإسلامى فى قتل 6 من الأقباط فى نجع حمادى بجنوب مصر بعد خروجهم من قداس عيد الميلاد. فالأقباط يواجهون نفس الإرهاب الذى تعرضت له أمريكا فى 11 سبتمبر والذى تعرضت له لندن ومدريد وموسكو وبالى وبومباى وتل ابيب ولكن الفرق أن الأقباط يتعرضون لهذا الإرهاب الإسلامى منذ عقود ومن خلال الدولة ذاتها.
فى السنوات الأخيرة اتسعت الفجوة جدا بين النظام الحاكم والأقباط، وبين المسلمين والأقباط.
● الأقباط فقدوا الثقة فى مؤسسات الدولة المصرية ويرون إنها جزء من إضطهادهم بدلا من أن تكون جزءا من الحل.
● الأقباط فى معظمهم يؤيدون الحرب الدولية على الإرهاب فى حين أن معظم المسلمين يعتبرونها حربا على الإسلام وعلى الدول الإسلامية.
● الأقباط يؤيدون فصل الدين عن الدولة فى حين أن معظم المسلمين يعتبرون أن الدمج جزء من تعاليم الإسلام الذى هو دين ودولة فى رأيهم.
● الأقباط فى معظمهم يحبون أمريكا فى حين أن معظم المسلمين يكرهونها.
● الأقباط فى معظمهم يرغبون فى أن تهتم مصر بمشاكلها وقضاياها فقط فى حين يرى معظم المسلمين أن لمصر دورا أساسيا فى مساعدة العرب والمسلمين.
● الأقباط فى معظمهم يؤيدون السلام مع إسرائيل ويريدون غلق ملف العداوة طالما أن الأراضى المصرية المحتلة عادت كاملة، فى حين ترى أجهزة الأمن القومى ومعها الشارع الإسلامى أن إسرائيل هى العدو الأول لمصر وللإسلام.
ما اود أن اقوله أن تقوية وضع الأقباط فى مصر هو مصلحة غربية وأمريكية ويهودية، لأن الكتلة القبطية الكبيرة فى مصر هى التى تحاول منع مصر من أن تتحول إلى دولة إسلامية جهادية معادية للغرب ومعادية لإسرائيل.
نحن نناشد كل دول العالم الحر لمساعدتنا فى الحصول على حقوقنا فى مصر والضغط على نظام مبارك لوقف إضطهادنا، ومساعدتنا أيضا فى النضال من آجل أنتزاع حقوقنا.
شكرا لاستماعكم
نص ترجمة المحاضرة التى القاها مجدى خليل عبر الفيديو كونفرانس أمام أعضاء مجلس إدارة وباحثى " منتدى الشرق الأوسط" المتواجدين بفلادليفيا وواشنطن ونيويورك ولوس انجلوس يوم 26 فبراير 2010