For God so loved the world, that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life.

الأربعاء، ١٦ يونيو ٢٠١٠

زمن إله الذباب و شريعة إله الذباب

زمن إله الذباب و شريعة إله الذباب


في تذكار سجن عبد الكريم نبيل سليمان

ابراهيم القبطي

لا أدري إن كنتم تتذكرون عبد الكريم نبيل سليمان ، ذلك الفتي الأزهري الذي تجرأ وأعلن أفكاره في مواجهة التطرف الإسلامي ،

اُعتقل  عبد الكريم منذ خمس سنوات لمدة 18 شهر ، ثم خرج لفترة قصيرة ، ليعود بعدها إلى السجن بتهمة ازدراء الأديان ، ولا أعلم الآن ما هي حالته ؟ أو أين هو ؟ هل مازال في السجن ؟ هل خرج ؟ هل تغيرت أفكاره؟ وكيف تغيرت ؟

منذ خمس سنوات قرأت آخر مقالة لعبد الكريم في الحوار المتمدن بعنوان " حقيقة الإسلام كما شاهدتها عارية فى محرم بك" ، أعلن فيها صراحة أنه تعلم حقيقة المسلمين من أحداث الأسكندرية ، و "أنهم فى قمة الهمجية والوحشية واللصوصية واللاإنسانية" عندما قاموا بحرق ونهب ممتلكات الأقباط والهجوم عليهم ، عندها أردت أن أعرف من هو هذا الكاتب الجرئ ، و عندما قرأت موقعه الفرعي على الحوار المتمدن اندهشت ، فالصفحة كانت مليئة بكل البيانات التي تشير إلى عنوانه في الاسكندرية و رقم تليفونه ، رأيته صغير السن لم يتعد الواحد و العشرين حينها . جال عندها في خاطري أنه شاب جرئ ، ولم أجد تفسيرا لجرأته إلا براءته إلى حد التهور ،  في زمن ملئ بالأفواة الكبيرة و القلوب المرتعدة. و أكتملت الصورة بالقبض عليه بعد ثلاثة أيام من كتابة ذلك المقال ، عندها صدق ظني ، لأنه لا يمكن لمجتمع الخفافيش أن يحتمل النور ، و لا يمكن لوادي الظلام أن يحتمل الحرية.

في مجتمع الاسلام لا وجود للفكر الحر

و لا وجود للفن الحر

و لا وجود للعشق الحر

و لا وجود للإنسان الحر

فقط الخوف و الألم ، و الجهل الممذوج بالتعصب.

ماذا فعل عبد الكريم؟

هل قتل عبد الكريم ؟ هل سرق؟ هل اغتصب؟

نعم لقد قتل الكثير من أفكار الاسلام الدموية بكلمته الحرة. ونعم لقد سرق النوم من عيون طيور الظلام في حكومة مبارك الاخوانية. ونعم لقد اغتصب حريته من أفواه أسود جائعة تلتمس وجبة من لحوم الأحرار. فعبد "الكريم" لم يعد عبدا .. ل "الكريم" إله الذباب ، لقد صار من الأحرار الذين قرروا الوقوف أمام إله الذباب ، إله الاسلام ، الإله الذي يحكم الرعاع من غالبية المسلمين الجهلة ، الذين يقتلون و ينهبون و يسرقون ، لقد قرر عبد الكريم ألا يمشى مع القطيع ، فقرر القطيع أن ينتقم من عبد الكريم ، قرر أن يؤكد له أنه لا حياة خارج القطيع ، و أن في مصر المنحوسة ، مازال القطيع الاسلامي قادر على اثبات أن البقاء للأكثر و ليس للأفضل. عندما قرر عبد الكريم أن يكون فردا انسانا في مجتمع الشمولية وحكم الشريعة ،  لم يسمح له إله الذباب أن يكون فردا أو إنسانا ، لأن المجتمع الإسلامي يرى المجاهد أفضل من الفيلسوف ، ويرى المسلم مجرد ترس في آلة الجهاد ، ولا يمكن أن يسمح له بأن يكون روحا حرة .

وعندما رأى عبد الكريم إله الذباب يطلق صفارته ، فتحرك الذباب ليحرق و يدمر ممتلكات الأقباط ، و يستحل دم الأقباط ، و بابا الأقباط ، و كنائس الأقباط ، خرج معترضا ، و لم يعلم أن إله الذباب يريدنا صامتين لا نتقن إلا طنين الذباب ، نجلَد و نصلَب و نمتهن و نعاقب دون أن نصرخ ، عنها أطلق إله الذباب صفارته مرة أخرى ، فانطلق الذباب ليعاقب الخائن "عبد الكريم" الذي قرر أنه إنسان و ليس ذبابة.

---------------------------

أكبر المآسي التي يعاني منها البشر في مجتمع الذباب ، هو أن الذباب يملك القدره على فرض الأمر الواقع بكثرة عدده ، و بكثرة تناسله.

أما آن لحكم إله الذباب أن ينتهي ؟

اما آن لشريعة إله الذباب أن تختفي ؟

اما آن للذباب أن يدرك أصوله الانسانية ، و أنه في يوم من الأيام كان حرا و بشرا ، يحلم و يحب و يرقص و يغني، و أنه تحت تهديد السيف تحول إلى ذباب ، تحول من الحرية إلى العبودية ؟

أما آن للذباب أن يعي أن أجداده كانوا بشرا أحرارا باعوا حريتهم بثمن بخس ، وتركوا احفادهم ذبابا يدفعون الثمن.

و لكن في مراحل التحول من الطبيعة البشرية إلى الطبيعة الحشرية ، فقد الذباب نعمتي العقل و القلب. فكان عبد الكريم اسثناءا ، ولم يعرف لبراءته أنه يتعامل مع الذباب و إله الذباب و شريعة الذباب ، و لم يعرف أنه ينبغي أن يتقن طنين الذباب وسلوك الذباب .

مازالت أتذكر عبد الكريم وقلمه حر في مجتمع الذباب ، ولا ادرى هل نجحوا في تحويله إلى ذبابة ، أم انه مازال إنسان ؟

ولكن علينا أن نتعلم الدرس ، لا حوار مع الذباب ، ومن يرغب في الاصلاح فالأفضل له أن يهدد باستخدام المبيد الحشري.