For God so loved the world, that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life.

الأحد، ٢ نوفمبر ٢٠٠٨

دليل الحيران في كتابة القرآن (1) :ميلاد اللوح المحفوظ

دليل الحيران في كتابة القرآن (1) :ميلاد اللوح المحفوظ

ابراهيم القبطي

مقدمة :

لم ينتقل الإنسان من ما قبل التاريخ والحضارة إلى فجرهما إلا عندما بدأ بتوثيق أفكاره إلى نصوص مكتوبة ، قبل ذلك لم يكن الإنسان يميز بين التاريخ والأسطورة ، بين الخبرة والخيال

انتقلت الخبرة البشرية قبل الكتابة شفاهة من الأجداد للأحفاد في صورة قصص وأساطير ، تتراكم فيها وتختلط الوقائع بالخيال البشري الخصب ، تحول فيها المغامرون إلى أبطال ، والأبطال إلى أنصاف آلهة ، وأوائل المكتشفين والعباقرة إلى ألهة ، ولكن ما مر به عظماء الجنس البشري من خبرات واحداث حقيقية في العصور السحيقة لم يتبق منها إلا اشباح . لأنهم لم يملكوا توثيقا مكتوبا

فربما كان برومثيوس (1) شخصا حقيقيا . كان اول من اكتشف طريقا لتطويع النار ، فلم تصل لنا عنه إلا اسطورة سُجلت في القرن العاشر قبل الميلاد تحول فيها إلى إله من ألهة العالم السفلي تمت معاقبته من قبل زيوس (2) لأنه سرق النار من الالهة وأعطاها للإنسان

فكان عليه أن يحيا في عقوبة إلى الأبد مقيدا في سفح جبل ، يأكل أحد الجوارح كبده كل يوم ، ثم يعود الكبد سليما في اليوم التالي ليعاود الجارح أكله مرة أخرى وهكذا دواليك

هذه هي الصورة الاسطورية التي تحول فيها حدث حقيقي لأكتشاف النار إلى قصة جميلة تحمل لمحة من التاريخ وكثير من الخيال عن الصراع بين الإنسان والقدر ، بين الطموح البشري ودكتاتورية الآلهة

هذا هو حال التراث الشفاهي الغير مكتوب

فمن السهل الإضافة والحذف والتغيير والإسقاط

إزالة تفاصيل الحقيقة مع الاحتفاط بنواتها ووضعها في عالم ضبابي ، ندركها دون أن نقرأ التفاصيل ، لأنه لم يكن هناك من يسجل التفاصيل

ومن بدأ بتسجيل التفاصيل ، سجل أخر ما وصل إله تطور الأسطورة

لم تتحول المجتمعات البشرية كلها في وقت واحد من عالم الاسطورة إلى واقع الحضارة والتاريخ ، هناك من سبق وهناك من تخلف

بينما كانت مجتمعات الاودية الفرعونية والسومرية و الهندية والصينية تصنع فجر التاريخ ، وتضع أول لبنات رسم الكلام أو الكتابة ، وتنقش أوائل الكلمات على الحجر أو أوراق البردي أو جلود الحيوانات

كانت هناك قبائل بشرية من الرعاة (3) بلا وطن وبلا مستقر في بيئات أكثر تصحرا بلا حضارة بلا نصوص مكتوبة ، لم تكن قسوة الحياة لتسمح لهم بالاستقرار وبناء حضارة ، ولكنها شعوب لم تعدم حلما ً كامنا في عقول أبنائها يدفعها لاكتساب الحضارة ، والانضمام إلى مسار التاريخ

---------------------------------

مجتمع قبائل عرب الحجاز ، وحلم المكتوب :


لم تكن قبائل الرعاة في عمق شبة الجزيرة العربية استثناءا من القاعدة

وإن كانت حركتهم تجاة الحضارة والتاريخ قد تأخرت كثيرا عن أبناء عمومتهم من اليهود فيما يقرب من 1800- 2000 عام ، فبينما تحرك اليهود نحو الحضارة وبدأوا في كتابة التوراة منذ عصر موسى (4) ، لم يبدأ أنسبائهم من العرب عصر الكتابة إلا على استحياء

فبدأت تظهر الكتابة النبطية في شمال الجزيرة ما بين 150ق.م – 150 م في مملكة بترا (5) ، وترجع في جذورها إلى الآرامية (6) ، ومنها ظهرت أساسيات الأبجدية السريانية ثم العربية لاحقا

وفي الجنوب ظهرت أبجدية "المسند" في اليمن (7) ، والذي تفرع عن الابجدية السينائية القديمة في القرن العاشر ق.م (8) ، وأمتد استعماله حتى القرن الخامس الميلادي (9) أو القرن السادس (10)

لم تؤثر أبجدية "المسند" الجنوبية كما أثرت أبجدية الشمال النبطية على أصول الكتابة العربية ، ربما للتأثير المسيحي واليهودي المستعمل لفروع الآرامية ومنها النبطية والسريانية داخل أرض الحجاز في الوقت الذي كانت فيه الحضارة اليمينة في أدنى مراحلها (11)

ومع هذا التأثير النبطي (السرياني) ظهرت محاولات اولى فردية للكتابة بأبجدية تقترب من العربية مع مطلع القرن الثالث الميلادي (12) ، ومع هذا فأول دليل أثري على كتابة تقترب من العربية وجد على شاهد قبر لمسيحي في 512 م (13) يسمى نقش زَبَد

هذه الفجوة الحضارية الزمنية بين قبائل العرب المدفونة في اعماق الجزيرة ، والأمم المجاورة لهم ، والتي سبقتهم بآلاف السنين في الكتابة والحضارة ، خلقت فجوة نفسية جعلت هناك اشتياقا ورغبة جامحة دائمة لكل مكتوب وكتاب واهل كتاب عند عرب الحجاز

رغبة تقاس بآلاف السنين لا المئات

رغبة في الخروج من عالم الشفاهي والاسطورة إلى هامش التاريخ والمكتوب

وكما يخبرنا التاريخ أن أول التحول من الشفاهي الإسطوري إلى المكتوب يكون بكتابة الاساطير نفسها

--------------------------------

مشروع الكتابة المحمدي :

لهذا عندما استعمل محمد ذكاءه الفطري باعلان وحي سمائي ، لم يكن غافلا عن أهمية الكتاب والمكتوب وقراءة المكتوب .

لم ينس محمد أبدا أبناء عمومته من اليهود : أهل الكتاب ، أراد أن يكون كموسى اليهود للعرب .

وطالما موسى كتب الشريعة في ألواح ، وألواح موسى من جواهر حسب الفكر العربي الرعوي

فلابد أن يكون قرآن محمد في ألواح حتى يكون نبيا في عيون أهل البادية

ولكنه لم يكن قد تهذب بكل حكمة المصريين كموسى (14) ، لهذا لم يكن من أرباب الحضارة ، فثقافته اسطورية شفاهية ، فعندما بدأ في مشروعه لم يسجل إلا الأساطير المتداولة عند العرب بما تحمله من مزيج وهجين من كل الثقافات المحيطة

مما جعل مشروع القرآن العربي كما سمكة داروين التي تحاول أن تكتسب أطرافا بدائية ورئتين لتخرج من الماء إلى اليابسة فلا هي عن الماء مستغنية ، ولا هي عن المحاولة متوقفة

وبهذا تولدت اسطورة الكتاب ، او الكتاب الاسطورة

كتاب من وحي السماء كما كتب اليهود ، وأصوله في سماء السماوات ...

ومن رحم هذا المشروع السياسي الجرئ ولد " اللــــــــوح المحفوظ"

--------------------------------

اللوح المحفوظ :

كان لابد للكتاب العربي أن يكون محفوظا ، وإلا انهار المشروع المحمدي كله

هذا هو الحلم المنتظر لآلاف السنين

لهذا لا يكفي للكتاب العربي أن يكون محفوظا على الأرض

بل وفي سماء السماوات ايضا

فأعلن محمد أن مشروعه الكتابي أي قرآنه : هو قُرْآنٌ مَجِيدٌ, فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (15)

فمصدر القرآن لوح في الهواء فوق السماء السابعة محفوظ من الشياطين ومن تغيير شيء منه (16)

هذا اللوح المحفوظ هو ايضا كتاب مسطور (17) وكتاب مكنون (18)

هذا اللوح السماوي المسطور هو أم الكتاب العربي (القرآن) : أي أصله ومصدره (19)

فلم يكتف محمد بادعاء أن مشروع الكتاب العربي هو وحي السماء

بل قرر أن ينقل كل أجزاء مشروع الكتابة إلى السماء

وفجأة اصبحت السماء كما الأرض تمر بمراحلها التطورية الحضارية ، التي بدأت منذ خلق العالم

بخلق العرش ثم كتابة اللوح المحفوظ فأخبر محمد اصحابه :

"كان الله عز وجل على العرش وكان قبل كل شيء وكتب في اللوح المحفوظ كل شيء يكون" (20)

أما هذا الكتاب الاسطوري فطوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وهو من درة بيضاء (16) (21)

بل والأعجب أن لغة الكتابة في هذا اللوح المحفوظ هي العربية كما القرآن قرينه الأرضي (22)

فقد جاء رجل إلى ابن عباس من حضرموت ، فقال له : يا ابن عباس ، اخبرني عن القرآن أكلام من كلام الله أم خلق من خلق الله؟

قال : بل كلام من كلام الله . أو ما سمعت الله يقول : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله }

فقال له الرجل : أفرأيت قوله؟ : { إنا جعلناه قرآناً عربياً }

قال (ابن عباس) : كتبه الله في اللوح المحفوظ بالعربية . أما سمعت الله يقول؟ : { بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } : المجيد هو العزيز ، أي كتبه الله في اللوح المحفوظ . (23)

إذن كتاب السماء العربي هو اللوح المحفوظ المسطور الذي هو أصل القرآن العربي على الأرض

فكتاب السماء – طبقا لأهل العقيدة وصحيح السنة - يحوي أصول كتاب الأرض ويزيد عنه بما يحويه من مقادير الخلق (24) التي سطرها قلم من نور قبل خلق العباد

فأول ما خلق رب الإسلام هو القلم وأمسكه بيمينه (وكلتا يديه يمين) ثم أمره أن يكتب كل المقادير في كتاب السماء العربي (25)

فيقول ابن عباس ترجمان القرآن (26) : " أول ما خلق الله القلم خلقه من هجا قبل الألف واللام ، فتصور قلما من نور فقيل له اجر في اللوح المحفوظ

قال (القلم) : يا رب بماذا ؟

قال : بما يكون إلى يوم القيامة ،

فلما خلق الله الخلق وكل بالخلق حفظة يحفظون عليهم أعمالهم ، فلما قامت القيامة عرضت عليهم أعمالهم وقيل هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون عرض بالكتابين فكانا سواء "

قال ابن عباس : ألستم عربا ؟ هل تكون النسخة إلا من كتاب ؟

كيف علِم القلم القدر .... وهو غير عاقل ؟؟؟

لا نعلم

كيف تحدث القلم مع رب الاسلام ؟

اعجوبة

هل يحتاح رب الإسلام إلى أن يستنسخ من كتاب أفعال البشر؟ ألا يملك ذاكرة وعلم ؟

لا ندري

كيف يحاكم رب الإسلام المذنب ، وهو قد قدر عليه ذنبه قبل ان يخلقه بخمسين ألف عام؟ (27)

هذا هو هو قمة الإعجاز الاسلامي ... !!!!

أن يلاشي الوحي الرحماني العقل العربي ، فلا يبقى إلا فضلات يسمونها الفطرة

-------------------------------

وماذا عن عالم الأرض وقرآن العرب ؟

كان لابد وأن يكون قرآن محمد هو ايضا من صنف المكتوب لا الشفاهي

فالقرآن على الأرض هو كتاب من صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (27)

لابد وأن يكون كنظيره السمائي مسطور في صحف ، ويمكن أن يقرأ كمكتوب فهو قرآن

ولكنه مع الأسف لم يحو النسخة الكاملة من كتابات القدر كما اللوح المحفوظ

فقط نصوص مبعثرة من أوامر ونواهي وقصص اساطير وشذرات من كتابات اليهود على اساطير الفرس على صحف لقمان على قصص مجهولة المعنى كذي القرنين وهامان الفرعوني

كان قرآن الأرض حلما بالكمال في عقل محمد واتباعه لم يتحقق

+ فعندما بدأ محمد مشروعه لم يضع في حسبانه أن النسيان والنسخ والحذف وارد ، فبدأ ينسى ما أنطق به السماء

فقدر روت عائشة أن محمد قد سمع رجلا يقرأ في سورة بالليل

فقال : ( يرحمه الله ، لقد أذكرني كذا وكذا آية ، كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا ) . (28)

بلا شك لو كان محمد قد سمح بشيوع خبر نسيانه لقرآنه لكانت كارثة على مشروع القرآن والحلم العربي في مهده

فقرر إضافة تعديل صغير للمشروع يسمح له بعامل النسيان ولكن تحت بند وحي السماء

فأنطق على لسان رب الإسلام اعترافا غريبا ألحقه بالقدرة الإلهية فقال :

مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)

ألم يكن من الأوقع انتساب القدرة إلى الحفظ لا النسيان ؟

ألم يكن من الأفضل لكي يثبت رب الإسلام قدرته أن يأت بالأفضل من المرة الاولى فلا يحتاج إلى أن يمحو آية ليأت بخير وأفضل منها ؟

ولكنها الاسطورة عندما تحكم قبضتها

+ ولم يضع محمد في حسابه ايضا أن صحف الأرض يمكن أن تأكلها الحيونات والدواجن (30)

فهل ما تأكله الدواجن والحيونات منها يتم محوه من أصول اللوح المحفوظ فوق السماء السابعة

أم أن محمد وربه اكتفيا بحفظ الأصول فوق السماء السابعة

أما نسخة الارض فلا قيمة لها ؟

+ ولم يضع محمد في حسابه أن بعض نصوص ما اسماه وحيا تقف حائلا عقليا أمام نص محفوظ فيه القدر

فهذه قصة رجل لم يستطع أن يهضم كيفية ذكر اللوح المحفوظ كفر ابي لهب في " تبت يدا أبي لهب"

وما ذنب أبي لهب في الكفر إذا كان هذا مقدرا عليه قبلا في لوح محفوظ ...

فما كان من الرجل إلا أن كفر !!!

فقد روى الخطيب في كتاب تاريخ (31) بغداد عن معاذ بن معاذ العنبري قال : كنت جالساً عند عمرو بن عبيد فأتاه رجل

فقال (الرجل) : يا أبا عثمان سمعت والله اليوم بالكفر ،

فقال (عمرو) : لا تعجل بالكفر ، وما سمعت؟

قال : سمعت هاشماً الأوقص يقول : إن { تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ } [ المسد : 1 ] وقوله : { ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } [ المدثر : 11 ] إلى قوله : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } [ المدثر : 26 ] إن هذا ليس في أم الكتاب والله تعالى يقول : { حم والكتاب المبين } ( الزخرف 1 ، 2 ) إلى قوله : { وَإِنَّهُ فِى أُمّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ } [ الزخرف : 4 ] فما الكفر إلا هذا يا أبا عثمان ،

فسكت عمرو هنيهة ثم أقبل عليّ فقال والله لو كان القول كما يقول ما كان على أبي لهب من لوم ، ولا على الوليد من لوم

فلما سمع الرجل ذلك قال أتقول يا أبا عثمان ذلك ، هذا والله الذي قال معاذ

فدخل بالإسلام وخرج بالكفر .

--------------------------------

يمحو الله ما يشاء ... أم أنه محفوظ ؟

ثم ظهر عائق جديد أمام مشروع الكتاب العربي ولوحه المحفوظ

هل يلتزم رب الإسلام بما في الكتاب المسطور أو اللوح المحفوظ ؟ أم لا؟

لو التزم لكان الكتاب هو الرب والرب هو العبد لأن الكتاب يحكم على الرب كما على بقية المخلوقات بقدر لا يلين وقضاء لا ينفك

ولو لم يلتزم رب الإسلام وقرر أن يغير في اللوح المحفوظ لما بقى محفوظا

ولو فقد كتاب السماء صفة الحفظ

فكم بالأولى صورته على الأرض .. أي القرآن

وللمفاجاة اختار محمد أن يغير اللوح المحفوظ (أم الكتاب) فأخبر في قرآنه

يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (32)

ثم أوضح للصحابة

إن الله عز وجل ينزل في ثلاث ساعات بقين من الليل ، يفتح الذكر (أي اللوح المحفوظ) في الساعة الأولى لم يره أحد غيره ، فيمحو ما شاء ويثبت ما شاء (33)

وبهذا انهارت الأصول المكتوبة للقرآن : اللوح المحفوظ لم يعد محفوظا

فهل يمكن أن يبقى القرآن محفوظا وأصله متلاعب فيه

بل أن إله القرآن قرر أن يتلاعب في تأويل اللوح المحفوظ في أحيان أخرى

فعندما سأله محمد أن يخفف الصلوات المفروضة على المسلمين من خمسين إلى خمس صلوات

دار الحوار التالي (34)

قال (محمد) : ( يا رب إن أمتي ضعفاء ، أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم ، فخفف عنا ) .

فقال الجبار : يا محمد ،

قال : ( لبيك وسعديك ) .

قال : إنه لا يبدل القول لدي ، كما فرضت عليك في أم الكتاب ، قال : فكل حسنة بعشر أمثالها ، فهي خمسون في أم الكتاب ، وهي خمس عليك ،

فرجع (محمد) إلى موسى فقال : كيف فعلت ؟ فقال : ( خفف عنا ، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها ) .

قال موسى : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ، ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضا ،

قال محمد : ( يا موسى ، قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه ) .

رواية تثير المزيد من العجب

فقد قرر رب الإسلام أن يحرف في اللوح المحفوظ بأن أضاف عليه معادلة لم تكن فيه

هي (الحسنة = عشر أمثالها)

حتى يجعل الخمسين صلاة خمسا فقط

وبهذا اقتنع الطرفان : محمد وربه ، بأن اللوح المحفوظ مازال كما هو !!!

--------------------------------

محكمات هن أم الكتاب .... ومتشابهات :

ولكي يزداد الأمر غرابة فقد أعلن محمد في قرآنه أمرا عجبا ، ربما تحت ضغط المعاني الغامضة والكوكتيل العجيب من النصوص الذي بلا رابط ولا محتوى متجانس

وهو معتاد الهروب من المزانق باستنطاق جبريل وحي السماء

فأخبر في قرآنه بأن القرآن قسمان

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ (35)

فهناك إذن المحكم أي (أم الكتاب)

وهناك المتشابه غير المحكم ، أي ليس من أم الكتاب

فلو عرفنا أن مصطلح أم الكتاب كما أتفق عليه المفسرون في كل نصوص القرآن الأخرى هو اللوح المحفوظ أصل الكتاب أو الكتاب المسطور لأدركنا صعوبة المعنى

فهناك أجزاء من القرآن الأرضي تتبع اللوح المحفوظ أو ام الكتاب

وهناك أجزاء أخرى تتشابه معانيها ولا تتبع أم الكتاب أو اللوح المحفوظ

أي أصبح هناك قرآنا ليس في اللوح المحفوظ !!!

ولكي يهرب المفسرون من هذه المعضلة قام الكثير منهم بمحاولة تأويل لفظة "أم الكتاب"

ومحاولة فهم معنى آخر لها أو على أدنى تقدير تحويل الذهن عن الاعتقاد بان هناك في القرآن ما ليس في أم الكتاب أو اللوح المحفوظ

فأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { هنَّ أم الكتاب } قال : أصل الكتاب ، لأنهن مكتوبات في جميع الكتب . (36)

وفسرها النيسابوري قائلا : هنَّ أمُّ الكتاب ( أي أصله الذي يعمل عليه في الأحكام ويجمع الحلال والحرام ويفرَّغ لأهل الإسلام ، وهنَّ آيات التوراة والإنجيل والقرآن ، وفي كل كتاب يرضى به أهل كل دين ، ولا يختلف فيه أهل كل بلد . (37)

ثم تلعثم بقية المفسرين في التفسير وتراوحت الأقوال واختلفت (38)

+ فابن عباس قال : { المحكمات } ناسخه ، وحلاله ، وحرامه ، وحدوده؛ وفرائضه ، وما يؤمن به و { المتشابهات } منسوخه ، ومقدمه ، ومؤخره ، وأمثاله ، وأقسامه ، وما يؤمن به ولا يعمل به .

+ ثم نفي عبدالله بن قيس ما قاله ابن عباس أو لعل ابن عباس قد غير رأيه فقال : سمعت ابن عباس يقول في قوله { منه آيات محكمات } قال : الثلاث آيات من آخر سورة الأنعام محكمات { قل تعالوا . . . } [ الأنعام : 151 - 153 ] والآيتان بعدها .

+ ثم تعود لنا التفاسير بقول ثالث عن ابن عباس في قوله { آيات محكمات } قال : من ههنا { قل تعالوا . . . } [ الأنعام : 151 - 153 ] . إلى آخر ثلاث آيات . ومن ههنا { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه . . . } [ الإسراء : 23 - 25 ] إلى ثلاث آيات بعدها .

+ ثم يتحفنا مجاهد برأي رابع فقال { المحكمات } ما فيه الحلال والحرام ، وما سوى ذلك منه متشابه يصدق بعضه بعضاً .

+ وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قولا خامسا فقال { المحكمات } هي الآمرة الزاجرة .

+ ثم تصارع صحابيان يحيى بن يعمر ، وأبا فاختة في تفسير { هنَّ أم الكتاب }

فقال أبو فاختة : هن فواتح السور ، منها يستخرج القرآن { الم ذلك الكتاب } منها استخرجت البقرة ، و { الم ، الله لا إله إلا هو الحي القيوم } منها استخرجت آل عمران ،

فقال يحيى : هن اللاتي فيهن الفرائض ، والأمر والنهي ، والحلال والحدود ، وعماد الدين .

فماذا كان رأي محمد شخصيا في متشابهات القرآن

قالها محمد صريحة :

" إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " (39)

فكيف يكون المتشابه وحيا ولا يُتّــــــــــــــبع

وكيف من يتَّبع المتشابهات من المسلمين فالتحذير منه واجب

بكل تأكيد لم يعتبره محمد متشابهات القرآن من أم الكتاب

لقد قرر ان يصنع هجينا مكتوبا ، وجعل كل ما هو غير مفهوم غريبا عن اللوح المحفوظ أو أم الكتاب

هل قرر رب الإسلام أن يضل من يشاء كما وعد قبلا ؟

لا إجابة شافية

-------------------------

لقد حاول العرب دخول مجرى التاريخ بكتاب يضاهي كتب أبناء عمومتهم من اليهود ، فأخذ محمد على عاتقه بتحقيق هذا المشروع

كتب كتابا يحوي اساطير العرب بما تحويه من هجين وخليط غريب ، وكان تركيزه كله على الكتابة في حد ذاتها

لم يكن مهما المحتوى أوالمعنى أوالترتيب أوالفكرة ، بقدر ما يكون كتابا محفوظا على الأرض من أصل محفوظ في السماء

ولأنه مشروع تأخر آلاف السنين عن ركب الحضارة البشرية ، جاء ملئ بالتناقض

اسطوريا في عصر خلى من الأساطير

صار اللوح المحفوظ ليس محفوظا

تلاعب به رب القرآن فمحى وثبت ما شاء ، ومع هذا بقى في عقل المسلم محفوظ

وتحول القرآن إلى نص مفكك نسخت نصوصه بعضها البعض

وجاءت فيها نصوص متشابهات شكك فيها محمد أنها من أم الكتاب .

ومع هذا يبقى محفوظا رغما عن أنف أصحاب العقول من الكفار

طلاسم تضاف إلى ما يعج به الإسلام والقرآن من أساطير

بحر من الخرافة قال عنه العرب العقلاء وقتها أساطير الأولين.

أما السؤال الأهم هو:

هل احتفظ المسلمون بقرآنهم كتابا وصحف مسطورة .... كما بدأ المشروع المحمدي ؟

أم انهم عادوا بقرآنهم إلى روايات الشفاهي ...

وانتقلوا بالقرآن مرة أخرى إلى عصر ما قبل الكتابة ؟

وأعلنوا أن القرآن محفوظ في الصدور لا الأوراق والصحف ؟

هذا ما سنجيب عليه في المقالات القادمة

----------------------

الهوامش والمراجع

(1) ويعني اسمه حرفيا : أول فكر Προμηθεύς,

http://en.wikipedia.org/wiki/Prometheus

(2) كبير ألهة اليونان Zeus

http://en.wikipedia.org/wiki/Zeus

(3) Nomads: νομάδες وتعني رعاة الأبل

http://en.wikipedia.org/wiki/Nomad

(4) عصر موسى : تترواح التواريخ بين 1200- 1500 ق.م

http://en.wikipedia.org/wiki/Moses

(5) "Nabataean alphabet."Encyclopædia Britannica. 2008

http://en.wikipedia.org/wiki/Nabataean_alphabet

(6) "Aramaic alphabet."Encyclopædia Britannica. 2008.

http://en.wikipedia.org/wiki/Aramaic_alphabet

(7) http://www.almotamar.net/photo/08-02-10-2012216905.jpg

طه باقر مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ص 51

(8) Stein, Peter (2005). "The Ancient South Arabian Minuscule Inscriptions on Wood: A New Genre of Pre-Islamic Epigraphy". Jaarbericht van het Vooraziatisch-Egyptisch Genootschap “Ex Oriente Lux” 39: 181–199.

(9) Beeston, A.F.L. (1962). The Arabic Language Today, Coll. Modern Languages, London : Hutchinson, 1970. p 24

(10) تيودور نولدكه : اللغات السامية تخطيط عام (1963 م : ص 91)

(11) غانم قدوري: رسم المصحف (1982) ص 40

(12) Owens, Jonathan. 1998. “Case and Proto-Arabic, Part I.” Bulletin of the School of Oriental and African Studies, University of London. 61, 1: 51-73.

(13) http://www.flavinscorner.com/earliestarabic.JPG

(14) سفر أعمال الرسل (7: 13): فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدرا في الاقوال والاعمال.

(15) البروج 21-22

(16) تفسير الجلالين للبروج 22

وكذا تفسير ابن كثير : هو في الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل. (ابن كثير)

(17) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (الطور 2-3)

يقول ابن كثير : قيل: هو اللوح المحفوظ

وأما القرطبي فيقول : يعني القرآن يقرؤه المومنون من المصاحف ويقرؤه الملائكة من اللوح المحفوظ

(18) إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (الواقعة 77-78)

(19) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (الزخرف 3-4)

ويفسر البغوي هذا فيقول :

{ وَإِنَّهُ } يعني القرآن، { فِي أُمِّ الْكِتَابِ } في اللوح المحفوظ. قال قتادة: "أم الكتاب": أصل الكتاب، وأم كل شيء: أصله. قال ابن عباس: أول ما خلق الله القلم فأمره أن يكتب بما يريد أن يخلق، فالكتاب عنده، ثم قرأ "وإنه في أم الكتاب لدينا"، فالقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ كما قال: "بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ"( البروج 21-22)

البخاري (تفسير القرآن : البقرة): " وقال قتادة : " في أم الكتاب : جملة الكتاب أصل الكتاب"

(20) اقبلوا البشرى يا بني تميم . قالوا بشرتنا فأعطنا قال : اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قد بشرتنا فاقض لنا على هذا الأمر كيف كان فقال : كان الله عز وجل على العرش وكان قبل كل شيء وكتب في اللوح المحفوظ كل شيء يكون

أخرجه ابن القيم عن عمران بن حصين (اجتماع الجيوش الإسلامية 51): صحيح أصله في البخاري

وأخرجه الحكمي عن عمران بن حصين ( معارج القبول 1/ 154): صحيح أصله في البخاري

وأخرجه الذهبي عن عمران بن حصين (العرش 88) : صحيح أخرجه البخاري بغير هذا اللفظ

وصححه الأباني في مختصر العلو ص 40

(21) عن ابن عباس قال لوددت أن عندي رجلا من أهل القدر فوجأت رأسه قالوا وبم ذاك قال إن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور [ وكتابه نور ] وعرضه ما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ستين وثلاثمائة نظرة يخلق بكل نظرة ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء

أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7/193 (رجاله ثقات)

(22)إ ِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (الزخرف 3-4)

(23) تفسير الزخرف 3 في الدر المنثور للسيوطي

(24) يؤكد اجماع مفسري القرآن أن اللوح المحفوظ هو الكتاب الذي كتب الله فيه مقادير الخلق قبل أن يخلقهم.

كما في القرآن (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب) [الحج:70 ]

قال ابن عطية: هو اللوح المحفوظ.

وكذا (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) [الحديد: 22 ] قال القرطبي يعني اللوح المحفوظ.

وقال الحافظ ابن حجر أن المراد بالذكر هنا: هو اللوح المحفوظ.

(25) الدرالمنثور في تفسير (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) القلم 1

أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : إن أول شيء خلق الله القلم ، فقال له اكتب ، فقال : يا رب وما أكتب؟ قال : اكتب القدر ، فجرى من ذلك اليوم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، ثم طوي الكتاب وارتفع القلم

عن ابن عباس قال أول شيء خلق الله تعالى القلم فقال له اكتب فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ثم خلق النون فوق الماء ثم كبس الأرض عليه

أخرجه الطبري عن أبي الضحى مسلم بن صبيح (تاريخ الطبري 1/52): صحيح

إن أول شيء خلقه الله عز وجل : القلم ، فأخذه بيمينه – وكلتا يديه يمين – قال : فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول : بر أو فجور ، رطب أو يابس ، فأحصاه عنده في الذكر ، ثم قال : اقرأوا إن شئتم { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } ؛ فهل تكون النسخة إلا من أمر قد فرغ منه

أخرجه الألباني عن عبدالله بن عمر المحدث (السلسلة الصحيحة 3136) : إسناده صحيح

(26) المستدرك على الصحيحين للحاكم 3627 - كتاب التفسير

تفسير سورة حم الجاثية -" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

(27) روى مسلم في صحيحه (2653) عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".

(27) عبس 13-14

ويؤكد التفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، لمحمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر : وإنما قيل له كتاب (أي القرآن) ، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ، كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} (ج 7 ص3)

(28) الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5038

خلاصة الدرجة: [صحيح]

(29) البقرة 106

(30) كما حدث مع عائشة

عن عائشة أم المؤمنين قالت : لقد نزلت آية الرجم والرضاعة فكانتا في صحيفة تحت سرير فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بموته فدخل داجن فأكلها

أخرجه ابن جزم عن القاسم بن محمد و عمرة ( المحلى 11/235): صحيح

وحسنه الأباني في صحيح ابن ماجة 1593

(31) تفسير الرازي (البقرة 6)

(32) الرعد 39

وفي تفسيري الطبري وابن كثير يؤكدان على اختلاف التفاسير بين مؤيد ومعارض لتعديل اللوح المحفوظ

(33) الراوي: أبو الدرداء المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم: 323/1

خلاصة الدرجة: [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح]

(34) الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7517

خلاصة الدرجة: [صحيح]

(35) آل عمران 7

(36) تفسير الدر المنثور 2 / 278

وبالمثل في ابن كثير(2/ 7) : وقال ابن لَهِيعَة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير: { هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ } يقول: أصل الكتاب، وإنما سماهن أم الكتاب؛ لأنهن مكتوبات في جميع الكتب.

(37) الكشف والبيان للنيسابوري 3/ 9

ومثلة تفسير الثعلبي (1 / 382)

(38) كلها آراء نقلها السيوطي في تفسيره الدر المنثور في تفسير آل عمران 7 (2 / 145)

(39) صحيح مسلم 4923- كتاب تفسير القرآن (باب منه آيات محكمات)

وصحيح البخاري في الصحيح الجامع ح 4547