سؤال جرئ (2): من هو روح الله في الإسلام ؟
ابراهيم القبطي
سلام المسيح مع الجميع
نوقش من قبل موضوع
سؤال جرئ: من هو روح القدس في الإسلام ؟
لم نجد فيه دليلا من القرآن أو صحيح السنة المحمدية (المرفوعة إلى محمد شخصيا) ما يشير إلى ماهية روح القدس الإسلامي
كلها اجتهادات شخصية لصحابى محمد أو تابعيه أو المفسرين
المتفق عليه هو أنه روح ، ولكن القرآن نفسه يقف عاجزا صامتا أمام تعريف روح القدس كما وقف عاجزا عن تعريف الروح على عمومها
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85
فالروح على عمومه من أمر رب محمد
فهل من أمره يعني أنه هو وحده من يفهم معناه ؟
أو من أمره أي أن مصدره رب محمد شخصيا ولا آخر ؟
في كلتا الحالتين .. هذا يضع الروح بالمفهوم الإسلامي في مرتبة رب الإسلام نفسه ، لأن الوحيد المختص بادراكها رب محمد نفسه ، ولا آخر ولا حتى النص القرآني الغير مخلوق يمكن أن يدركها .
ولكن أي روح هو ؟
اللفظة على إطلاقها ليست محددة ، لهذا ومنعا للتشتيت سوف أحاول في الفقرات القادمة الالتزام بالنصوص القرآنية التي تختص بــ "روح الله"
ولن أتطرق إلى "روح القدس"
ولا إلى لفظة "الروح" على إطلاقها
فقط الروح المنسوبة لرب الإسلام
لأنني لم أجد دليلا قرآنيا أو محمديا على وحدة المعنى بين هذه المصطلحات الثلاث
من القرآن نعرف بأن:
(1) روح الله شارك في خلق آدم مع الله
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }الحجر29
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }ص72
{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }السجدة9
ظاهر نص القرآن يشير إلى:
1- أن نفخة إله القرآن من روحه كانت مصدر حياة آدم ، فروح إله القرآن مصدره داخلي ذاتي نابع من الذات الإلهية ، وبه أحيا رب الإسلام آدم
2- أن روح رب الإسلام الذي شارك في الخلق ليس ضمن الملائكة
3- أن السجود لآدم جاء تابعا ومترتبا على نفخة الروح ، مما يعزز المصدر الإلهي الذاتي للروح ، وأن تشريف آدم كان نتيجه حصوله على نفخة من روح رب الإسلام شخصيا
وهذا ما يؤكده الحديث الحسن عن جابر: لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة قال الله تعالى لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان (1)
إذن فقبس روح الله الإسلامي أو الروح الإلهي لإله الإسلام في الإنسان أخرجه من حيز عموم المخلوقات إلى مستوى آخر من الخليقة يحمل القبس الإلهي
يقول المفسرون من علماء المسلمين في تفسير هذه النصوص
في تفسير الجلالين (ويتفق معه القرطبي وغيرهما (
"فَإِذَا سَوَّيْته" أَتْمَمْته "وَنَفَخْت" أَجْرَيْت "فِيهِ مِنْ رُوحِي" فَصَارَ حَيًّا وَإِضَافَة الرُّوح إلَيْهِ تَشْرِيف لِآدَم
بقدرة قادر أصبحت روح الله هي روح آدم ، والنسب تشريف
فجعل نسب الروح إلى رب الإسلام ليس حقيقة قرآنية بل مجرد تشريف لآدم
أي تأويل للهروب من ظاهر النص ، ونفي صريح لظاهر النص لإخفاء المعنى
في الطبري:
صوّرته فعدَّلت صورته ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) فصار بشرا حيا ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) سجود تحية وتكرمة لا سجود عبادة.
فتجاهل الطبري معنى لفظة (روحي) وركز على معنى السجود ، وأكتفي بأن روح رب الإسلام هي مصدر حياة آدم .
وأما ما نقله الطبري عن الروايات للصحابة والتابعين فيقول فيه:
عدلت صورته، ونفخت فيه من روحي، قيل: عني بذلك: ونفخت فيه من قُدرتي.
* ذكر من قال ذلك: حُدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) قال: من قدرتي.
ولا يخفى على أحد أن
1- هذا ليس تفسيرا وإنما تأويل لروح رب الاسلام بمعنى قدرة رب الاسلام ، فمن زاوية النص القرآني هذا تبديل للمعني يخضع إلى قوانين التحريف الإسلامية = تحريف بالتبديل
2- الرواية ليست مرفوعة لمحمد ، فلا تحمل ختم الحصانة بالعصمة طبقا للفكر الإسلامي
3- الرواية ضعيفة لوجود مجاهيل في السند بقول الطبري )حُدثت) ، ولم يقل لنا من حدثه
4- يزداد ضعف الرواية بوجود المسيب بن شريك
والذي ضعفه الجميع في رواية الحديث منهم الرازي (2):
المسيب بن شريك أبو سعيد التميمي روى عن الاعمش ومغيرة وهشام بن عروة سمعت ابى يقول ذلك.
قال أبو محمد روى عنه سهل بن عثمان العسكري وابو سعيد الاشج.
نا عبد الرحمن نا محمد بن (51 م 6) حمويه بن الحسن قال سمعت ابا طالب قال قال احمد بن حنبل: المسيب بن شريك من اهل خراسان ترك الناس حديثه.
نا عبد الرحمن قال ذكره ابى عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين [ انه - 1 ] قال: المسيب بن شريك لا شئ.
نا عبد الرحمن قال سألت ابى عن المسيب بن شريك فقال: ضعيف الحديث كأنه متروك.
وكذا الجوزي (3) يقول:
المسيب بن شريك أبو سعيد التميمي الشقري الكوفي يروي عن الأعمش قال يحيى ليس بشيء وقال أحمد ترك الناس حديثه وقال البخاري سكتوا عنه وقال السعدي سكت الناس عن حديثه وقال النسائي ومسلم والساجي متروك الحديث وقال الفلاس اجتمعوا على ترك حديثه وقال الدارقطني ضعيف قال وقد روى عنه إسحاق بن بهلول فقال أبو سعيد الشقري وقال السعدي وابن حبان لا يجوز الاحتجاج به وقال أحمد بن حنبل ما كان يكذب إنما كان يخطئ
وحتى لو افترضنا ضمنيا أن روح رب الإسلام تعني قدرته (على الرغم من ضعف الحديث)
فالقدرة ضمنيا من صميم الذات الإلهية الإسلامية ، لأن قدرة رب الإسلام مصدرها ذاته لا خارجة عنه ، كما أن المسلم لا يستطيع أن يقول بأن قدرة الله مخلوقة
مما يتبع بأن روح الله (إسلاميا) غير مخلوقة
مما يتبع بأن روح الله (افتراضا بمعنى قدرته) مصدرها ذات الله لا كائن آخر خارج رب الإسلام
لا ملاك
ولا مخلوق
ولا جبريل
من كل هذا يتضح أن أمهات التفاسير إما تتجاهل ظاهر اللفظ بالتأويل ، أو تتجاهل ياء الملكية (بالتبعيض والتجاهل) ، وفي أحيان أخرى تجعل لفظة روحي (= روح الله) بمعنى روح آدم
ولو كان النص القرآني يتكلم عن روح آدم
لقال (ونفخت فيه روحه) أو (ونفخت فيه الروح) ، فينسب الروح حصريا لآدم وليس لرب الإسلام
وهذا ما لم يحدث
وبهذا تسقط كل التفاسير صريعة أمام ظاهر النص ، وتهرب إما إلى التأويل أو التهريف أو الشرك
-----------------
ومن القرآن والحديث نعلم أنه:
(2) من الكبائر : اليأس من روح الله
{يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }يوسف87 (4)
في ظاهر هذا النص القرآني نجد روح الله
1- كائن فاعل ، لا ينبغي اليأس منه وإلا عُدّ هذا من الكفر، والكفر لا يختص بمخلوق
2- ولا يمكن بهذا أن نستعيض عن روح الله بملاك أو جبريل ، فاليأس من جبريل لا يرتقي إلى مرتبة الكفر
أما في أقوال المفسرين
يفاجئنا ابن كثير في تفسيره بأن اليأس من روح الله هو نفسه اليأس من الله فيقول :
ونَهّضهم وبشرهم وأمرهم ألا ييأسوا من روح الله، أي: لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه فإنه لا يقطع الرجاء، ويقطع الإياس من الله إلا القوم الكافرون.
وبهذا يقطع ضمنيا بالمساواه بين روح الله والله إسلاميا (على الأقل طبقا لابن كثير)
ولكن بقية المفسرين (ويمثلهم تفسير الجلالين هنا) قرروا أن روح الله لا تعني قدرة الله كما في النصوص السابقة ولا ملاك ولا جبريل ، بل يعني رحمة الله
فيقول تفسير الجلالين : (ولا تيأسوا) تقنطوا (من روح الله) رحمته
وكأنما مصطلح "روح الله" مطاطي ، يتشكل بحسب الحاجة واللزوم ، ولا يخضع لأي قواعد إصطلاحية أو لغوية ، فجل هدف المفسرين هو إنكار أن رب الإسلام له روح نابعة من ذاته، ولهذا يتغير المعنى طبقا ولزوما للحاجة
ومع هذا لو قدرنا ضمنيا بصحة الفرضية أن روح الله = رحمة الله
فلن نجد سبيلا إلى إنكار أن رحمة رب الإسلام مصدرها ذاته وليست نابعة من خارجه كوجود مستقل عنه ، كما أن المسلم لا يستطيع أن يقول بأن رحمة الله مخلوقة
مما يتبع بأن روح الله (إسلاميا) غير مخلوقة
مما يتبع بأن روح الله (افتراضا بمعنى رحمته) مصدرها ذات الله لا كائن آخر خارج رب الإسلام
لا ملاك
ولا مخلوق
ولا جبريل
فلم تستطع التفسيرات الهروب من الحقيقة الوجودية لروح رب الإسلام ، ولم يفد التلاعب بالمصطلحات إلا في نقل المصطلح إلى مستوى مبهم غير واضح (وكأن التفسير هدفه التدليس وليس التوضيح) ولكنه لم ينف المصدر الداخلي الذاتي الإلهي لما يسمى "روح الله" في الإسلام
ثم يطالعنا حديث صحيح يوقوفنه مرة على ابن مسعود ومرة يرفعونه إلى محمد بأن اليأس من روح الله من الكبائر كالشرك بالله (5)
هنا نقف ضمنيا على المساواة التامة في المنزلة بين الله وروح الله ورحمة الله ، كنتيجة واضحة للمساواة بين الشرك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله ككبائر
فهل روح الله في القرآن هو رحمة الله أم قدرة الله أم شئ آخر ؟
أبهم القرآن في الإصطلاح ، وتخبط معه المفسرون
وإن كانت منزلة روح رب الإسلام قرآنيا تقف على قدر من المساواة واضح مع رب الإسلام
فقد شارك روح الله في خلق آدم
واليأس من روح الله تقف على نفس منزلة الكبائر مع الشرك بالله
ووجود قبس من روح الله في الإنسان عززه وميّزه عن بقية المخلوقات
-----------------
ومن القرآن نعلم أن:
(3) روح الله شارك في ميلاد عيسى
يطالعنا القرآن بفقرات تشير على ظاهرها إلى أن رب الإسلام نفخ روحه في فرج مريم في فعل جنسي صريح
{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء91
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }التحريم12
ثم في إثارة لحيرة القارئ ، تحول روح الرب الإسلامي من نفخة إلى شخص متجسد بشري في فقرة أخرى
{فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } مريم17
هذا الروح الإلهي المتجسد كان يملك القدرة على الوهب والعطاء والخلق لأن يقول : إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً (مريم 19)
فالهبة من الرسول وليست من رب الإسلام
إذن هو رسول خاص يملك قدرة إله الإسلام وخصائصه ، ففي كل نصوص القرآن الوهب بالنسل والهبة بالذكور أو الإناث تكون دائما من رب الإسلام (6)، لا من أي رسول أو شخص مبعوث
إذن طبقا للنص القرآني على ظاهره
روح الله هو نفسه الواهب في تساوٍ تام مع رب الإسلام
وهو مصدر ميلاد عيسى من فرج مريم
وهو شريك رب الإسلام في خلق الإنسان وتفضيله على بقية المخلوقات
أما في التفاسير ، يحاولون وبقسوة أن يجعلوا "روح الله" = جبريل في هذا النص وهو خطأ للأسباب التالية
1- لا يمكن استنتاجه من القرآن ولا من الأحاديث الصحيحة كما تم التوضيح سابقا (7)
2- لغويا إحلال جبريل مكان روح الله في النص القرآني لا يستقيم والمعنى لأن رب الإسلام لم ينفخ جبريل في فرج مريم
وإلا صارت نصوص القرآن كما يلي
{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن جبريل وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء91
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن جبريل وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }التحريم12
وهذا هراء محض
يقول ابن القيم عن روح الله المنفوخ في فرج عيسى :" فكان لمريم بمنزلة الأب لسائر النوع فإن نفخته لما دخلت في فرجها كان ذلك بمنزلة لقاح الذكر للأنثى ".(8)
و أنا أتفق مع ابن القيم جزئيا ، فلا دليل على أن روح الله مخلوق كما يزعم ، ولكنني أتفق على كونه روح خاص إلهي ، وهو مصدر اللقاح لفرج مريم
وبما أن في الشريعة الإسلامية النسب يكون لناكح الفرج ، وفي هذه الحالة هو نكاح شرعي بنفخة رب الإسلام في فرج مريم
لهذا جاء عيسى كلمة الله وروحه وليس مثل أي بشر عادي
---------------
ومن القرآن والحديث نعلم ان:
(4) روح الله هو عيسى
نواجه بأزمة غريبة في التفسيرات الإسلامية
+ على الرغم ان القرآن لم يذكر إطلاقا بأن جبريل هو روح الله أو روح من الله إلا أن علماء المسلمين يصرون على أن روح الله هو جبريل بلا دليل من القرآن أو صحيح السنة
+ وعلى النقيض ، فنصوص القرآن تشير تصريحا إلى ان عيسى المسيح هو نفسه من روح الله المنفوخ في فرج مريم ، وبالتبعية هو روح من الله (9)
ولكن علماء المسلمين يستنكرون المعنى الظاهر لهذا النص ، بل على الارجح أنه هو السبب الرئيسي الذي جعلهم ينكرون وجود روح لإله الإسلام من الأساس
وقد يظن المسلم أن عيسى هو مجرد آدم آخر يحمل قبس من الروح الإلهي
ولكن القرآن أو الحديث لم يصرح ابدًا بأن آدم هو نفسه روح من الله ، بل تم إحياءه بنفخة من روح الله
وهذا الفكر والتميز بين آدم وعيسى يتضح أكثر وأكثر من الأحاديث
فالأحدايث المحمدية تصف عيسى تصريحا بأنه روح الله ، وهو ما لم يوصف به آخر
في البخاري ح7510 .... . فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ . فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا .... ومثله أحاديث 4476 ، 7410 ، 7440
وفي مسلم ح 495 ....وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ. فَيَأْتُونَ عِيسَى رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ ....
فعيسى هو روح الله أو روح من الله بتصريح القرآن وصحيح السنة خلاف جبريل الذي لا نعلم إلا أنه ملاك ، وخلاف آدم الذي تم إحياءه بروح الله ، ولكن لا يحمل اسم روح الله
فمن هو روح الله في الإسلام ؟
هل هو رحمة الله ؟
أم قدره الله ؟
أم جبريل ؟
أم عيسى المسيح ؟
أم كلهم معا ؟
أم هو حقا روح الرب الإسلامي كظاهر النص ... ؟
ما يتبع بأن رب الإسلام له روح ذاتيه يخلق بها ويهب بها الحياة
تجسدت في عيسى المسيح بفعل جنسي ناتج دخول نفخة الروح الربانية في فرج مريم القرآنية
النص القرآني يوحد اللفظ ، بينما تختلف التفاسير لتسقط مطاطية على المعنى مما يزيد الأمر تعقيدا
فتفسيراتهم لا تخضع لقوانين أو عقلانية بقدر ما تحاول لي عنق النصوص القرآنية لتلائم عقيدة مسبقة تنفي وجود روح لإله الإسلام
وهذا ما يتعارض مع صريح النص القرآني والسنة
فهل من تعريف صريح وواضح يجمع كل نصوص القرآن والحديث الخاصة بـــ "روح الله"؟
أم أنها أساطير قرآنية نابعة من جهل محمد بإصطلاحات أهل الكتاب ؟
وكيف ينكر المفسرون ظاهر النص القرآني لخدمة عقيدة المفروض أن تقوم على النص لا أن يتم إخضاع النص لها ولي عنقه من أجل أن تلائم وتخدم أغراض المسلمين ؟
ولو أنكر المسلم أن لرب الإسلام روح ، عليه أن يأت بدليل نصي صريح من القرآن أو السنة الصحيحة ليؤيد كلامه
غير هذا يبقى رب الإسلام له روح بنص القرآن !!!
------------------
(5) هل روح الله مخلوق كما يزعم المسلمون؟
1- عجز التفاسير عن الهروب من حقيقة روح رب الإسلام
يحاول المسلمون هربا من صريح النص تأويله إلي معان أخرى كما رأينا قبلا
فالنص القرآني : وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي
فسروا روحي : تعني قدرتي طبقا للكثير من المفسرين
والنص القرآني : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا
فسروا روحا من أمرنا: تعني وحيا من أمرنا
والنص القرآني : أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ
فسروا بروح منه : تعني بقوة من عنده
والنص القرآني : وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ
فسروا روح الله : بمعنى رحمة الله
فلو نادى المسلمون بأن روح الله مخلوقة ، سوف يتبع هذا القول بأن قوة الله أو رحمة الله أو قدرة الله أو وحي الله مخلوق
ولو أخذنا وحي الله (ومنه القرآن) على أنه مخلوق ، لخالف عقيدة أهل السنة بأن القرآن غير مخلوق
إذن الروح ضمنيا ومن التفسيرات الإسلامية غير مخلوقة
2- روح الله الإسلامي منفوخة أم مخلوقة ؟
روح رب الإسلام مصدرها داخله من ذاته وخارجه مع نفخته كما جاء في القرآن
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }الحجر29
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }ص72
{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }السجدة9
{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء91
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }التحريم12
فلم يذكر القرآن أنها مخلوقة بل منفوخة ، والمفنوخ مصدره ذات رب الإسلام لا خارجه
مما يتبع بأن روح الله الإسلامي جزء من ذاته ، فهي غير مخلوقة
3- يميز القرآن بين روح الله والله ، فهل التمييز يعني عدم التساوي أو عدم الوحدة ؟
ففي المقابل اسماء رب الإسلام تختلف (الرحمن / الرحيم / القادر .... إلخ) ، فهل تعني كائنات مختلفة أم إله واحد ؟
وما هو الحل يا ترى لهذه التعددية ؟
فالقرآن صريح بأن روح رب الإسلام شريكة في الخلق وهبة البنين ، فيتبع ذلك إما أناه شريكة لله الإسلام أو هي من كيانه وذاته الشخصي
وعلى المسلم الاختيار
4- يدعي المسلمون بأن روح الله مخلوقة لأنها منسوبة هنا للاختصاص كقولنا"عبد الله" أو "ناقة الله" وليس كإضافة الصفات كالعلم والقدرة والكلمة
مما يتبع بسؤالنا : وما هو الدليل على انها منسوبة كالناقة وليست كالصفة ؟
أولا : من يحدد أنها ليست من الصفات الإلهية ؟
رب الإسلام كما يملك صفة الكلام يملك صفة الروح ... ما وجه الاعتراض ؟
فإذا أردت عزيز المسلم أن تساوي بين روح الله وناقة الله ، فلماذا لا تساوي بين كلمة الله وناقة الله ؟
النص القرآني يضعها في رتبة الخالق وواهب الحياة والنسل ... صفات خاصة جدا لرب الإسلام
وبالمقابل أين الدليل النصي على أن كلمته صفة من صفاته ؟
لو هناك مقاييس معينة تنطبق على الصفات الغير مخلوقة نريد أن نعرفها ، لنرى هل تنطبق على روح الله الإسلامي أم لا
ثانيا صريح من القرآن يضع الروح في مرتبة إلهية
بينما المسلم لا يملك إلا التأويل والعقيدة تؤخذ من النص لا تأويله
ثالثا المسلم يستعمل منطق خاطئ
هل يتساوى بيت بلال مع روح بلال ؟
هل تتساوى عربة بلال مع روح بلال ؟
روح بلال لازمة لوجوده ككائن حي ، بينما عربته أو بيته غير لازمتين له ولا لوجوده ككائن حي وليسا من صميم حياته
رابعا لا يوجد نصح صريح يشير إلى خلق الروح
على العكس الروح منفوخة من داخل الإله الإسلامي ، فهو لم يخلقها بل نفخها ، وإلا يتبع أنه مخلوق لأنه يحوي روحا مخلوقة
كما أن الروح أمر والأمر كلمة والكلمة الإلهية غير مخلوقة (تساوي بين الروح والكلمة كصفات)
وكذلك الروح (بحسب ما ذكر المفسرون) تأتي بمعنى قرآن (وحي) والقرآن غير مخلوق
فالنص صراحة والمنطق يقران بوجود روح لرب الإسلام
وكلاهما يقفان ضد تأويل المسلم للنص القرآني
خامسا لو نسبت الروح إلى رب الإسلام على سبيل الخلق ، لتعددت أرواح رب الإسلام ، فأروح الحيوان والإنسان والنبات والملائمة ، كلها اروح الله
فلماذا لم يذكرها القرآن ولا مرة واحدة أنه هناك "أرواح الله" ؟
5- بما أن روح الله لها دور في الخلق ، فهي تتساوى مع الإله الإسلامي في الإلوهية
فإله الإسلام يؤكد : هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
مما يضع نوع من الوحدانية بين رب الإسلام وروحه : فهو يخلق بروحه ، كما يخلق بكلمته
بل أن خلقته بالكلمة تتساوى بها كل المخلوقات
بينما خلقته بالروح اختص بها آدم فقط (1)
مما يعزز مكانة روح الله الإسلامي فوق مكانة كلمة الله الإسلامي الغير مخلوقة
6- جاء في القرآن :"الله خالق كل شيء" فهل هذا يعني أنه خلق روحه؟
هذا يعتمد على تفسير (كل شئ)
فلو أن - كل شئ - مأخوذة على إطلاقها ، لشملت صفات رب الإسلام ، ولشملته هو أيضا
مما يتبع بأن الله خالق نفسه وصفاته لأن كلمة (كل شئ) تشمل إله الإسلام نفسه فهو شئ ليس كمثله شئ
ولو أن هناك إستثناءات من (كل شئ) ، لشمل هذا أيضا صفات رب الإسلام ومنها روحه الخاص ، لأن روح الله تتساوى مع إله الإسلام في الكينونة والجوهر ، فهو يخلق بروحه ، كما يخلق بكلمته ، كلاهما من صميم ذاته
وعلى المسلم الاختيار بين إله صفاته مخلوقه ، أو إله له روح حقيقية
7- جاء في القرآن : " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ "
فهل لفظة (منه) تشمل روح الله وتعني أنها مخلوقة ؟
للإجابة
أولا النص لم يحدد "منه" : بالخلق أم بالتنزيل أم بالنفخة الربانية
ثانيا : كلمة رب الإسلام أيضا منه بالتنزيل ، فهل هي عين مخلوق متمايز عن إله الإسلام أم صفة غير مخلوقة؟
لو كانت كلمته ليست منه ، فهي ليست كلمته
ولو كانت كلمته منه فهي مخلوقة على حد زعم المسلم
ايهما يختار؟
وما إذن الذي يجعل روح الله مخلوق وكلمة الله غير مخلوقة ؟ ما هو المقياس ؟
ثالثا: روح الله الإسلامي شارك في الخلق فهو ليس مخلوق
وهل روح الله مصدرها الأرض أم نفخة إله الإسلام ؟
وهل القرآن مخلوق باعتباره في الأرض؟
8- يدعي المسلمون بأن ابن تيمية قال عن الروح أنها " مخلوقة مبدعة باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة" (10) فهل هذا دليل على خلق روح الله ؟
ولكن الحقيقة أن ابن تيمية كان يتكلم عن روح الآدمي وليس عن روح الله
لهذا على المسلم أن يأتي بقول صريح لابن تيمية أن روح الله مخلوق (وليس روح الآدمي)
عليه ثانيا أن يثبت واحدة من اثنين
1- أن ابن تيمية أو اي شيخ على شاكلته معصوم
2- أو أن يأتي لنا بأدلة ابن تيمية التي استعملها ليثبت خلق روح الله
من كل هذا لم نجد أي دليل نصي ينفي حقيقة روح الله في الاسلام أو يجعلها مخلوقة
فتبقى الاسئلة
من (ما) روح الله ؟
ما هو الدليل على روح الله مخلوقة ؟
كيف تكون الروح مخلوقة وهي بحسب التفسيرات الإسلامية رحمة الله وقدرة الله ووحي الله ؟
هل وحي رب الإسلام )القرآن في عقيدة المسلم) مخلوق؟
هل رحمة رب الإسلام مخلوقة؟
هل قدرة رب الإسلام مخلوقة ؟
لماذا اليأس من روح الله من الكبائر؟
ولماذا وهبت روح الله النسل مثل الله ؟
ولماذا خلقت روح الله مع الله ؟
ألم يقدر رب الإسلام أن يحي آدم بدون روحه ؟
إذا لم تجد إجابات في القرآن والسنة ، فلتعلم عزيزي المسلم أن قرآنك ومحمدك لم يعرفوا الإجابة ، فمحمد كان مجرد ناقل لما يسمع ، فلم يدقق ولم يفهم حقيقة الوحي الإلهي الحقيقي ، وبناء على فهمه المحدود وجهله المطبق ، نقل مصطلحات دون أن ينقل معناها ، فجاء بقرآن غامض من إله جهول
تعال إلى نور الإله الحقيقي المثلث الأقانيم ، آب وابن وروح في جوهر واحد متعدد الأبعاد أو الأقانيم ، أقرأ بتمعن لتعرف حقيقة الثالوث كما جاء مشوها في قرآنك ، ثم تعلم الأصل ، لتعرف حقيقة الوحي الإلهي كما سجله روح الله القدوس في كتابنا المقدس
نصلي لكل اعمي البصيرة من المسلمين أن يرى نور المسيح
له كل المجد والقورة والعظمة إلى الأبد آمين ++
--------------------
الهوامش والمراجع
(1) هداية الرواة للعسقلاني 5 /251
(2) في كتابه الجرح والتعديل (8/294(
(3) في كتابه الضعفاء والمتروكين (3/121)
(4) هناك قراءة لهذا النص بالضم على الراء كما قرأ بها عمر بن عبد العزيز ، والحسن ، وقتادة ، هذا طبعا لو تجاهلنا افتقاد أصول القرآن للتشكيل وحركات الحروف ، فلا حجة لأحد أني يدعي بأن رَوح الله (بالفتحة) تختلف عن رُوح الله (بالضمة)
(5) موقوفا على ابن مسعود (صحيح الاسناد): عن ابن مسعود قال الكبائر الإشراك بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله وفي رواية أكبر الكبائر (مجمع الزوائد 1/109 ، وتفسير ابن كثير 2/ 243 ، وصحيح الجامع للألباني ح4603(
مرفوعا إلى محمد (حسن الاسناد): عن ابن عباس أن رجلا قال : يا رسول الله , ما الكبائر ؟ قال : الشرك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله (تخريج الإحياء للعراقي 4/22(
(6) {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ }الشورى49
{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }الأنعام84
{فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً }مريم49
(7) راجع : سؤال جرئ: من هو روح القدس في الإسلام ؟
(9) إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ .... (النساء 171