المسيح بين الألوهة والنبوة
Hopeless Refugee
يعترض المسلمون على إلوهية المسيح ، بينما نتفق على نبوته
ويستندون إلى الآتي (بحسب فكرهم) لنفي الألوهة
1) أن المسيح لم يقل صراحة في الكتاب المقدس انه اله وطلب من الناس ان يعبدوه ، وبما أن تعليمه علانية لا خفاء فيه (يوحنا 18: 19)
فلا حجة في أن المسيح أخفى لاهوته عن أحد
2) أن هناك أدلة صريحة (بحسب فكرهم) على ان المسيح رسول وليس اله
أ) أن المسيح صام فلو كان الها لمن يصوم ؟؟
ب) ورد في انجيل متى الاصحاح 7 : 21 مايلي
21 ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات.بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات. 22 كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك اخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. 23فحينئذ أصرّح لهم اني لم اعرفكم قط.اذهبوا عني يا فاعلي الاثم
والتفسير الإسلامي : الدليل الشرعي هنا واضح حيث يقول المسيح عليه السلام لجميع المشككين ولجميع من يعتقدون انه اله ..انه ليس اله ,وكل من يقول له يارب يارب فانه لايعرفه قط ويقول له اذهب عني يافاعل الاثم .
ج) ورد في انجيل متى الاصحاح 27 : 46 مايلي
(ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني. 47 فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا.)
والتفسير الإسلامي : هنا المسيح عليه السلام يؤكد بصريح العبارة ,وبما لايترك مجال لشك انه ليس اله ، فهو هنا يخاطب الله سبحانه وتعالى ويقول له لمن تركتني ، فالمسيح عليه السلام لجأ لله سبحانه وتعالى كسائر البشر .
د) ورد في رؤيا يوحنا الاصحاح 20 : 6 ما يلي
(مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الاولى.هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم بل سيكونون كهنة للّه والمسيح وسيملكون معه الف سنة)
والتفسير الإسلامي : النص بصراحة صريح جدا ويعلن اعلانا رسميا ان المسيح عليه السلام والله سبحانه تعالى منفصلان
—————————
الرد بنعمة المسيح
اولا: عن تساؤلك اين قال المسيح “انا الله اعبدوني“:
النقطة الأولي: الخاصة بطلب العبادة “اعبدوني“:
1 - الهدف: ليس هدف السيد المسيح من التجسد ان يُعبد, فلأنه هو الله ذاته, فقد كان يعبد بالفعل من قبل ان يتجسد, بل اهداف التجسد ليست للعبادة بل للكفارة والفداء وهذه عقيدة أخري لا اريد تفريع الحوار لها . “لاني لم ات لادين العالم بل لاخلص العالم“ (يو 12 : 4)
2 - كيف يطلب المقدم بالفعل: السيد المسيح جاء برسالة مخصصة محددة, فباتحاد الطبيعتين فيه لم يَجْدُ علينا اي عبادة جديدة, فنحن كنا نعبد الله قبل التجسد , ثم بعد اتحاد الطبيعتين في المسيح ظللنا نعبد الله لم يتغير شئ, سواء كان متجسدا او غير متجسد فنحن نعبده, فان مطالبة المسيح بالعبادة التي تنتظرها كانت ستعد فصل منه لنفسه عن الله, لأنه لو طلب العبادة فهو غير معبود (والا لما طلبها ) ! .
وان كان الله وقتها في زمنه معبودا فكيف يطلب ما هو له بالفعل , فلو قال “اعبدوني”, لكنا اعتربناه غير الله , لأنه بكون الله يُعبد بالفعل وقت التجسد فكيف يطلب المسيح ما قدم له بالفعل من حيث اتحاد اللاهوت بناسوته. لو فعل هذا لكان اثبت انه ليس الله اذ ان الله دائما تقدم له العبادة فلم يطلب ما هو مقدم له بالفعل ؟!
لهذا يقول المسيح “انتم تؤمنون بالله فامنوا بي “ (يو 14: 1)
3 - تصحيح مفهوم العبودية: تجسد المسيح نقلنا لمفهوم جديد من العلاقة بين الانسان والله, لم يعد مفهوم العلاقة بين الله والانسان ، رب مستحقة له العبادة وعباد عبيد موجوبة عليهم العبادة, بل اعطانا مفهوم أسمى
“لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء“ (يو 15 : 15) ، حيث اعطي مفهوم البنوة كما يقول المسيح
“لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار و الصالحين و يمطر على الابرار و الظالمين“ (مت 5 : 45) ، اذ صرنا فيه بنعمته ابناء
“لانه لاق بذاك الذي من اجله الكل و به الكل و هو ات بابناء كثيرين الى المجد“ (عب 2 : 10) ، لا عبيد في ما بعد ، بل ابناء لله ، وشتان الفارق بين العبد والابن, هذا هو المفهوم الجديد الأسمى الذي رسخ به المسيح العلاقة بيننا وبين الله , ولو كان طالب بالعبادة لكان افسد ما جاء ليرفعنا به من تعاليم , اي لكان اسقطنا من حيث انتشلنا , وحاشا للمسيح حكمة الله ان يسقط في خطأ تعليمي بأن يناقض تعاليمه بتعاليمه !
4 - المجد الذاتي : بالاضافة لكل ما سبق فلم يأت المسيح ليكون له مجد اتي يفتخر به, بل جاء معلما ”
تعلموا مني لاني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم“ (مت 11 : 29) ، فها الذي جاء متجسدا وهو اله يتخلي عن مجده ليخلصنا , وبهذا التصرف صار نبراسا مضيئا لنا من بعده لهذا نجد الرسل يكرزون قائلين:
“فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا. الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله. لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس. و اذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه و اطاع حتى الموت موت الصليب.” (في 2 : 5-8 ) ، فالمسيح لا يبحث عن مجد بل يبحث عن تعليمنا كيف ننال خلاصنا من خلال افعاله بان نتخذه اسوة حسنة, فها الاله يتضع , فكيف للانسان الا يتضع !
——————————————–
النقطة الثانية: الخاصة بلفظ “انا الله“:
1 - الاعتراف:
فقد قال السيد المسيح “انا و الاب واحد“ (يو 10 : 30)
وقال ايضا “الذي راني فقد راى الاب“ (يو 14: 9)
وقال ايضا “اني في الاب و الاب في“ (يو 14 : 11)
ويناجي الآب قائلا “و كل ما هو لي فهو لك و ما هو لك فهو لي“ (يو 17: 10)
ويقول انه هو الله بقوله “انتم تؤمنون بالله فامنوا بي“ (يو 14: 1 )
وايضا ” لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم ابي ايضا و من الان تعرفونه و قد رايتموه.” (يو 14: 7 )
بل الاروع هو ما قاله لفيلبس ” قال له فيلبس يا سيد ارنا الاب و كفانا. قال له يسوع انا معكم زمانا هذه مدته و لم تعرفني يا فيلبس“ (يو 14: 8-9)
بل كان اليهود يمسكون عليه انه عادل نفسه بالله ” قال ايضا ان الله ابوه معادلا نفسه بالله” (يو 5 : 18)
وها هو يوضح انه يقيم من يشاء من الموت
” كما ان الاب يقيم الاموات و يحيي كذلك الابن ايضا يحيي من يشاء“ (يو 5 : 21)
ويتحدث عن مساواة قدرته للآب قائلا “لان مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك“ (يو 5 : 19)
وصرح ان كرامته معادلة لكرامة الله “لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الاب ” (يو 5 : 23)
بل اعترف ان كل ما للآب هو له “كل ما للاب هو لي“ (يو 16 : 15)
وبالطبع الالوهة هي مما للآب, لاحظ “كل”, كما انه اعترف انه واهب الحياة “لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم “ (يو 6 : 33 )
وانه من يقيم الموتي في يوم الدينونة في اليوم الاخير “انا اقيمه في اليوم الاخير “ (يو 6 : 54)
وانه معطي الملكوت “الجنة !!” اذ يقول عن غنم مرعاه “انا اعطيها حياة ابدية“ (يو 10 : 28)
واعترف انه كائن من قبل ابراهيم ” الحق الحق اقول لكم قبل ان يكون ابراهيم انا كائن“ (يو 8 : 58)
و “كائن” هذه ترجعنا الي مسمي الله “فقال الله لموسى اهيه الذي اهيه و قال هكذا تقول لبني اسرائيل اهيه ارسلني اليكم“ (خر 3 : 14)
اهيه هي فعل الكينونة اي ان الله هو “الكائن” وهو ما كرره المسيح بنفسه نفس المسمي !
لهذا لا تتعجب ان تقرأ ان بعدما قال هذا ارادوا ان يرجموه ” قال لهم يسوع الحق الحق اقول لكم قبل ان يكون ابراهيم انا كائن. فرفعوا حجارة ليرجموه“ يو 8: 58-59
واعترف انه غير محدود مكانيا “ليس احد صعد الى السماء الا الذي نزل من السماء ابن الانسان الذي هو في السماء“ يو 3 : 13
نعم انه علي الارض ولكنه ايضا في السماء !!!
افلا تتدبرون !!!
وها النبوات تشير لذات الشئ “لانه يولد لنا ولد و نعطى ابنا و تكون الرياسة على كتفه و يدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام“ (اش 9 : 6)
2 - العلاقات الثالوثية: لو كان المسيح قال “انا الله” لكان أحدث خلط بين في العلاقات الثالوثية, فالمسيح هو “ابن الله” وهذا ما أكده بنفسه ليوضح العلاقات الثالوثية “لانه قال انا ابن الله“ (مت 27 : 4)
وفي حادثة بطرس الرسول ” فقال لهم و انتم من تقولون اني انا. فاجاب سمعان بطرس و قال انت هو المسيح ابن الله الحي. فاجاب يسوع و قال له طوبى لك يا سمعان بن يونا ان لحما و دما لم يعلن لك لكن ابي الذي في السماوات ” (مت 16: 15-17)
والمسيح اراد ان يرسخ العلاقات الثالوثية بين تلاميذه لئلا يخلطوها وتتلاشي عقيدة الثالوث. ولهذا كان يعاتب اليهود قائلا “اني ابن الله” يو 10 : 36
ولهذه العلاقة المباشرة التي تعني بنوة مباشرة لله كان اليهود يعتبرونها تجديف (كفر) اذ قالوا ” قال ايضا ان الله ابوه معادلا نفسه بالله“ يو 5 : 18
واعترف ايضا المسيح ان له مفاتيح الملكوت “و اعطيك مفاتيح ملكوت السماوات” (مت 16 : 19)
ويقول انه الأول والآخر “انا الالف و الياء البداية و النهاية الاول و الاخر“ (رؤ 22 : 13)
3 - شهادة الكتاب: كما ان المسيح هو الها بشهادة الكتاب
“المسيح حسب الجسد الكائن على الكل الها مباركا الى الابد“ (رو 9 : 5)
وهو ايضا “صورة الله غير المنظور“ (كو 1 : 15)
وكما ان كمال العلم لله وحده فقد شهد له الكتاب انه “المذخر فيه جميع كنوز الحكمة و العلم“ (كو 2 : 3) لاحظ لفظ “جميع”
كما ان الكتاب دعاه “قوة الله و حكمة الله” ( 1كو 1 : 24)
وهل كان الله يوما بدون حكمة وقوة ؟
اي ان المسيح ازلي بازلية الله , وحيث ان ديمومة قوة الله واجبة له من طبيعته, فبهذا يكون المسيح ابدي
والازلي الابدي الوحيد هو الله الواحد “الرب الهنا رب واحد“ تث 6 : 4
وبهذا تتضح الوهية المسيح, كما ان الكتاب وضح انه اخذ صورة عبد “اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس“ في 2 : 7
وبهذا يتضح ان ليس طبيعته انه عبد بل اخذ صورة عبد, كما يوضح الكتاب ان “الله ظهر في الجسد ” ( 1تي 3 : 16)
وان ” كان الكلمة الله … و الكلمة صار جسدا “ (يو 1 : 1+14)
ليس هذا فقط بل المسيح هو بهاء مجد الله ورسم جوهره “هو بهاء مجده و رسم جوهره” (عب 1 : 3)
وكما تعرف فان الله ليس له دم بل الفداء كان بدم المسيح فانظر الي هذه الآية وتدبر
“ لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه“ (اع 20 : 28)
الله اقتني الكنيسة بدمه !
بينما الدم كان دم المسيح !
ماذا تفهم من هذا ؟
كما ان الكتاب شهد ان كل من في السماء ومن علي الارض يجب ان يسجدوا للمسيح
“لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء و من على الارض و من تحت الارض ” (في 2 : 10)
4 - منطقية القول: تخيل معي ان احد يقول لك, “انا الله“, هل كنت ستصدقه ؟!
كنت ستعتبره مجنونا, فانت تراه بشرا يتعب ويأكل وينام ويخرج بل ويموت, شأنه شان اي بشري, ما كان لانسان ان يصدق ان المسيح هو الله
لهذا فقد اعلن المسيح عن لاهوته بافعاله لا باقواله, وايهما اثبت ؟!
حسنا ان كنت تعتقد ان الاقوال اثبت فـ”انا هوبلس الله” ويجب ان تصدقني ! بالطبع ستقول ما هذا التخريف, لهذا فقد عمد المسيح ان يفعل افعال الله لا مجرد ان ينسب لنفسه المسمي. كما ان الخلق تم به, بالمسيح، “كل شيء به كان و بغيره لم يكن شيء مما كان“ (يو 1 : 3)
وايضا “كان في العالم و كون العالم به و لم يعرفه العالم“ (يو 1 : 10) كما انه كان يغفر الخطايا وكان فاحص للقلوب والكلي بالاضافة لسلطانه علي الطبيعة والملائكة والشياطين والشريعة والحياة والموت, وغيرها من الاحداث التي ان قرأت الكتاب المقدس لادركتها جلية
==============================
ثانيا: عن تساؤلك عن صوم المسيح
1 - طبيعة المسيح: الصوم في المسيحية ليس هو عبادة مقدمة لله !
بل هو غذاء تحتاجه الروح البشرية لتنمو كما ينمو الجسد بالغذاء المادي, ولان المسيح كان ناسوت مشابه لناسوتنا, فقد احتوي الناسوت علي الروح والجسد كأي ناسوت بشري, وكما أن الجسد يتغذي بالوسائط المادية كالطعام والشراب هكذا الروح تتغذي بالوسائط الروحية كالصوم والصلاة, وليس في هذا اي هذا عجب, بل ان الناسوت يستلزم هذا, والا ما صار ناسوت كامل ولما صحت الكفارة وعملية الفداء.
2 - المسيح المعلم القدوة: ان افعال السيد المسيح لم تكن قضاء لحظات بشرية, بل كانت ترسم خطا حياتيا لاي مسيحي، لهذا يقول المسيح “تعلموا مني“ (مت 11 : 29) فهو قدوة نفعل ما يفعله, ولهذا فقد علمنا الصلاة والصوم والعماد لا بمجرد اقوال بل بافعال حتي نكون مثله لانه عاش بشريا كاملا في الكل, وهدفنا كمسيحيين هو بلوغ الكمال بنعمة روحه, لكي نصل الي صورته “الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده“ (في 3 : 21)
3- الاستمرارية : وصية الصوم وصية قائمة منذ البدء في اليهودية, والمسيح ما جاء لينقض اي تعليم في العهد القديم “لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لانقض بل لاكمل” (مت 5 : 17 ) وحيث انه كان انسانا يهوديا، كان يجب ان يلتزم بتعاليم الدين، لانه ان لم يصم لاعتبرنا فعلته هذه دلالة انه لا حاجة للمسيحي ان يصوم , ولكن ببعد نظرته اللاهوتية, صام ليكون لنا قدوة وليؤكد ان الصوم من صميم المسيحية وليس بغريب عنها.
==============================
ثالثا: نص مت 7: 23
” ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب اليس باسمك تنبانا و باسمك اخرجنا شياطين و باسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ اصرح لهم اني لم اعرفكم قط اذهبوا عني يا فاعلي الاثم.” (مت 7: 21-23)
اول نقطة: لو راجعت النص بتمعن ستجد ان النص يقول “ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات“ (مت 7: 21 )، وطالما ليس كلهم سيدخلون اذن فهناك منهم , اي ممن يقولون يارب يارب سيدخلون الملكوت, بالرغم من انهم يقولون “يارب يارب”
أما لو كان النفي قاطعا لمن يدعوه يارب لقال “كل من يقول لي يا رب يا رب لن يدخل ملكوت السماوات” وهذا لم يقله !
ثاني نقطة: يا تري لماذا رفضوا، هل لأنهم قالوا يارب يارب كما ظننت ؟
لا ، بل ظنك باطل ، فبقية النص الإنجيلي توضح
رفضوا من الملكوت لأنهم “فاعلي اثم“
فعندما يطردهم المسيح لا يطردهم لانهم يقولون يارب يارب بل لانهم خطاة !
والدليل علي ذلك ان بعض ممن يقولون يارب يارب سيدخلون الملكوت “ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات“ مت 7: 21
لأن المسيحية اعمال لا اقوال “ارني ايمانك بدون اعمالك و انا اريك باعمالي ايماني“ يع 2 : 18
و “ان الايمان بدون اعمال ميت“ يع 2 : 20
ويجلي هذا الرأي قوله في “لماذا تدعونني يا رب يا رب و انتم لا تفعلون ما اقوله“ لو 6 : 46
أي أن اعتراضه علي عدم عملهم لا علي قولهم وما يؤكد كلامي انه يتحدث عن الاعمال ما سبق هذه القطعة وما تلاها اقرأ معي
” من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا. هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة و اما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية. لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية و لا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب اليس باسمك تنبانا و باسمك اخرجنا شياطين و باسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ اصرح لهم اني لم اعرفكم قط اذهبوا عني يا فاعلي الاثم. فكل من يسمع اقوالي هذه و يعمل بها اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل المطر و جاءت الانهار و هبت الرياح و وقعت على ذلك البيت فلم يسقط لانه كان مؤسسا على الصخر. و كل من يسمع اقوالي هذه و لا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل. فنزل المطر و جاءت الانهار و هبت الرياح و صدمت ذلك البيت فسقط و كان سقوطه عظيما. فلما اكمل يسوع هذه الاقوال بهتت الجموع من تعليمه. لانه كان يعلمهم كمن له سلطان و ليس كالكتبة“ مت 7: 16-29
ثالث نقطة: لنرجع ونؤكد هل يقبل السيد المسيح تسميته بـ يارب ؟
حسنا لنري, يتحدذ السيد المسيح عن وقت يدين فيه الناس كديان فيقول “و متى جاء ابن الانسان في مجده و جميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. و يجتمع امامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم. لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني. عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي. فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك. و متى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك. و متى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك. فيجيب الملك و يقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم. ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس و ملائكته. لاني جعت فلم تطعموني عطشت فلم تسقوني. كنت غريبا فلم تاووني عريانا فلم تكسوني مريضا و محبوسا فلم تزوروني. حينئذ يجيبونه هم ايضا قائلين يا رب متى رايناك جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا و لم نخدمك. فيجيبهم قائلا الحق اقول لكم بما انكم لم تفعلوه باحد هؤلاء الاصاغر فبي لم تفعلوا. فيمضي هؤلاء الى عذاب ابدي و الابرار الى حياة ابدية“ (مت 25: 31 – 46 )
لتلاحظ معي ماذا اجابه الابرار ؟ اجابوه قائلين “يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك. و متى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك. و متى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك.” (مت 25: 37-39 )
هل تره سيقول عنهم انتم مخطئين لا تدعوني بالرب ؟
علي النقيض ، بل أنه سيجعلهم أهل الحياة الابدية كما تنص آخر الفقرة !!!
اذن فلفظهم غير معاب, والا لوبخهم, علي النقيض كافئهم بالحياة الابدية !!
بالمثل قال من لا يملكون اعمال ولكن كان ينقصهم العمل, فمضوا الي عذاب ابدي ! بل ان السيد المسيح يوبخ توما الرسول اذ آمن بعد ان رأي فدعاه ربي والهي لأنه آمن بعد ان رأي بعينيه ولمس بيديه ” اما توما احد الاثني عشر الذي يقال له التوام فلم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الاخرون قد راينا الرب فقال لهم ان لم ابصر في يديه اثر المسامير و اضع اصبعي في اثر المسامير و اضع يدي في جنبه لا اؤمن. و بعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا و توما معهم فجاء يسوع و الابواب مغلقة و وقف في الوسط و قال سلام لكم. ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا و ابصر يدي و هات يدك و ضعها في جنبي و لا تكن غير مؤمن بل مؤمنا. اجاب توما و قال له ربي و الهي. قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا و لم يروا.” (يو 20: 24-29 )
ارأيت لم يقل له لا تقول لي ربي والهي, بل عاتبه ان هذا الايمان جاء متأخرا قائلا “لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا و لم يروا.” (يو 20: 24-29 )
اي ان هذا هو الايمان الذي يقبله المسيح انه رب واله !
وساوافيك بنص يقول فيه بطرس للمسيح ثلاث مرات يارب ولا يقول له المسيح انه مخطئ بل يقول له انشر ايمانك بي “فبعدما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يونا اتحبني اكثر من هؤلاء قال نعم يا رب انت تعلم اني احبك قال له ارع خرافي. قال له ايضا ثانية يا سمعان بن يونا اتحبني قال له نعم يا رب انت تعلم اني احبك قال له ارع غنمي. قال له ثالثة يا سمعان بن يونا اتحبني فحزن بطرس لانه قال له ثالثة اتحبني فقال له يا رب انت تعلم كل شيء انت تعرف اني احبك قال له يسوع ارع غنمي. “ (يو 21: 15-17 )
ارأيت انه توكيد ثلاث مرات علي ان هذا هو الايمان الذي يجب ان نسير به
الإيمان بربوبية المسيح وألوهته !
بل انه بنفسه من دعا نفسه الرب !! فعن الجحش الذي احتاجه لدخول اورشليم يقول لتلاميذه حين يحلونه “و ان سالكما احد لماذا تحلانه فقولا له هكذا ان الرب محتاج اليه” (لو 19 : 31 )
سمي نفسه بالرب !
بل يؤكد انه رب بحسب النبوات “و فيما كان الفريسيون مجتمعين سالهم يسوع. قائلا ماذا تظنون في المسيح ابن من هو قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائلا. قال الرب (الآب) لربي (الإبن أي المسيح) اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك. فان كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه.” (مت 22: 41-45)
رابع نقطة: يعوزني الكثير من الوقت والكلام لاضع لك الآيات التي ذكرت المسيح ربا , استخدم اي محرك بحث انجيلي واكتب “الرب يسوع“ او “ربنا يسوع” وستفاجأ ان هناك ان “ربنا يسوع“ وردت 57 مرة و“الرب يسوع“ وردت 59 مرة, هذا غير المرات التي قال فيها له الناس يارب ولم يعترض !! وبهذا يتضح انه مسمي كتابي لم نبتدعه بل هو من علمه ايانا.
خامس نقطة: لا تنس ان الرب هو اسم الله ولا يعطي لآخر من البشر هذا المجد سوي لله وحده اذ هو وحده الرب حيث يقول الله “انا الرب هذا اسمي و مجدي لا اعطيه لاخر“ (اش 42 : 8 )
==============================
رابعا: نص مت 27: 45
“ و نحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني“ مت 27 : 46
وتتخذه اعتراض ان المسيح يثبت عدم الوهيته بهذا القول، واليك التوضيح:
عند اليهود لم تكن المزامير بالترقيم الحالي في الكتاب المقدس, المزامير كانت صلوات متتالية في كتاب يضمها, وكانت بداية اول كلمات المزمور هي ما يميزه , وحتي الآن هذا النظام متبع في المسيحية فنقول مزمور كذا ومزمور كذا , يعني كان عندهم المزمور الخمسين مثلا ـ اللي هو المزمور واحد وخمسين بالترقيم الحالي بعد فصل مزمور لمزمورين ـ يسموه مزمور “ارحمني يا الله” كنوع من التبسيط لان اول كلماته ” ارحمني يا الله حسب رحمتك حسب كثرة رافتك امح معاصي.” مز 51: 1
وكان بمجرد سرد بداية المزمور يكرره اليهودي لانه حفظه من صغره علي ايدي الكهنة والفريسيين وغيرهم من معلمي الشريعة
فلماذا اذن قال المسيح (الهي الهي لما تركتني)
افتح معايا كده الكتاب المقدس المزمور اتنين وعشرين بحسب الترقيم الحالي
1- إِلَهِي! إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي بَعِيداًعَنْ خَلاَصِي عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟.
2- إِلَهِي فِي النَّهَارِ أَدْعُو فَلاَ تَسْتَجِيبُ. فِي اللَّيْلِ أَدْعُو فَلاَ هُدُوءَ لِي.
هنا السيد المسيح يفكرهم بأول المزمور 22.
والسؤال المنطقي جدا: لماذا المزمور 22 بالذات ؟؟
لاحظ ان الجملة قيلت في حادثة الصلب بواسطة السيد المسيح
وعندما نراجع المزمور
في المزمور اتنين وعشرين
7- “ كُلُّ الَّذِينَ يَرُونَنِي يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ الشِّفَاهَ وَيُنْغِضُونَ الرَّأْسَ قَائِلِينَ:.
8- ” اتَّكَلَ عَلَى الرَّبِّ فَلْيُنَجِّهِ. لِيُنْقِذْهُ لأَنَّهُ سُرَّ بِهِ.”
وهو يقابل ما حدث أثناء الصلب
“ و كان المجتازون يجدفون عليه و هم يهزون رؤوسهم. قائلين يا ناقض الهيكل و بانيه في ثلاثة ايام خلص نفسك ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب. و كذلك رؤساء الكهنة ايضا و هم يستهزئون مع الكتبة و الشيوخ قالوا. خلص اخرين و اما نفسه فما يقدر ان يخلصها ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الان عن الصليب فنؤمن به. قد اتكل على الله فلينقذه الان ان اراده لانه قال انا ابن الله. و بذلك ايضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه.”
هل يمكن أن يكون التشابه صدفة ؟
احتمال طبعا !!
ولكن في كمالة المزمور 22: 15 “ يَبِسَتْ مِثْلَ شَقْفَةٍ قُوَّتِي وَلَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي “
وهو ما حدث أثناء الصلب
” بعد هذا راى يسوع ان كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال انا عطشان. و كان اناء موضوعا مملوا خلا فملاوا اسفنجة من الخل و وضعوها على زوفا و قدموها الى فمه.”
هل يمكن للتشابهين أن يكونا صدفة ؟
احتمال !!
ولكن في المزمور 22 : 16
“ لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ“
وهو ما حدث في الصلب بدق رجله ويديه بالمسامير
هل من الممكن ان تكون صدفة ؟
ربما ، إن أصبح احتمال حدوثها مستحيل
نتابع إذن ما يقطع الشك في مزمور 22: 17
“ أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ.”
كل عظامه محصاة ، أي أنه لا عظمة واحدة ناقصة
وهو ما يقابل في حادثة الصلب
و اما يسوع فلما جاءوا اليه لم يكسروا ساقيه لانهم راوه قد مات (يو 19 : 33)
وأخيرا في المزمور 22: 18
“يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ.”
وفي حادثة الصلب يرصد القديس لوقا الطبيب
اقتسموا ثيابه اقترعوا عليها لو 23 : 34
فالحدث إذن يتعدى الصدفة
في المزمور 22: 22” أُخْبِرْ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي“
وهو ما حدث بعد الصلب اذ جري الاتباع ليبلغوا اخوتهم الرسل بقيامة السيد الرب
راجع المريمات وغيرهم
إذن الخلاصة أن المسيح يقول لمن صلبوه ومن تبعوه ، راجعوا المزمور البادئ ب (إلهي إلهي لماذا تركتني)
فكل الكتب تنبأت عني ، وداود قصدني بالروح في كتابته المزامير
كيف لا تعرفون مقاصد الله ؟
هل نسيتم مزمور “الهي الهي لماذا تركتني” ؟؟؟
لا لم أترككم
“هل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و انا لا انساك“ (اش 49 : 15)
أما المزمور 22 فيتنهي مروره بنبوات الصلب إلى الآية 31 “ يَأْتُونَ وَيُخْبِرُونَ بِبِرِّهِ شَعْباً سَيُولَدُ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ“
والشعب الذي ولد هو الشعب المسيحي ، ولادة جديدة بالميلاد الثاني من الماء والروح ،
والخبر هو البشارة المفرحة بأن الرب يهوه قد فعل وخلص شعبه ولم ينساه
وكأنه يردد
“هوذا على كفي نقشتك“ (اش 49 : 16)
“قد اكمل“ ( يو 19 : 30)
“و انا لا انساك” (اش 49 : 15)
==============================
خامسا: نص رؤ 20: 6
” كهنة لله و المسيح“ (رؤ 20: 6)
السيد المسيح يذكر بجانب اسم الله للدلالة علي انه الوسيط الذي بدونه لا نستطيع ان نصل لله “لانه يوجد اله واحد و وسيط واحد بين الله و الناس الانسان يسوع المسيح” ( 1تي 2 : 5
)
فذكره ضروري لأنه الوسيط الخلاصي الذي تمت به المصالحة ولولاه ما سنصير كهنة لله, فلكي نصير كهنة لله يجب ان نكون كهنة اولا للمسيح لنتخذ منه وسيط للبلوغ للآب. فبوساطته حصلنا علي خدمة افضل لمواعيد افضل ” قد حصل على خدمة افضل بمقدار ما هو وسيط ايضا لعهد اعظم قد تثبت على مواعيد افضل“ (عب 8 : 6)
فـ “هو وسيط عهد جديد لكي يكون المدعوون اذ صار موت لفداء التعديات التي في العهد الاول ينالون وعد الميراث الابدي“ (عب 9 : 15)
فنحن بمجهودنا الذاتي لا نستطيع ان ننال كهنوتا او اي نعمة روحية سوي من خلال السيد المسيح لأنه “وسيط العهد الجديد يسوع” (عب 12 : 24)
فذكر الله والمسيح هو توكيد علي دور المسيح (الاله المتجسد) في الوساطة بين الله والانسان, “الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته“ اف 1 : 7
وهذا الدور (تجسد الاله) اساسي لاتمام المصالحة “الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح و اعطانا خدمة المصالحة“ (2كو 5 : 18)
وايضا قول الكتاب ” الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم و واضعا فينا كلمة المصالحة “( 2كو 5 : 19)
لهذا “نفتخر ايضا بالله بربنا يسوع المسيح الذي نلنا به الان المصالحة” (رو 5 : 11)
ومجال افتخارنا هو بوجود المسيح في الخط الزمني (اي بالتجسد الالهي في الزمن البشري), وسطة المسيح دور اساسي بين البشر والله وتذكر في اي آية تتحدث عن نعم للبشر كالكهنوت في مثالك, لانه بدون لما صرنا كهنة لله .
==============================
“ لانك انت رفضت المعرفة ارفضك” (هو 4 : 6)
“من له اذنان للسمع فليسمع“ (مت 11 : 15)
دمت بخير
صلوا من اجل ضعفي
سلام ونعمة