For God so loved the world, that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life.

الخميس، ٥ يوليو ٢٠٠٧

قبسٌ من الرّب أطفاه السياسي محمد ... كامل السعدون

لعبت هاشمَ بالملك فلا خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نزلْ

لقد أقتبس محمد من الرّب قبساً فأطفأه السياسي في محمد وأحاله إلى لعنةٍ نعاني منها اليوم كما عانت منها أممٌ وشعوبٌ عديدة منذ انطلاق الدعوة حتى يوم الله هذا .

الرّب … الأزلي الخالدُ الموجودُ أبداً … البسيط غاية البساطة …الحبيب كلّ الحب ، أحاله محمد إلى بضاعةٍ سياسيةٍ سلطويةٍ دفعت الأجيال ولا زالت استحقاقاتها وأُجبرت أممٌ وشعوبٌ عديدةٌ أخرى على الدفع ، دماً ودمعاً ومالاً و…خراب …!

لم يكن قبس الحقيقة الذي أقتبسه محمد ، أكبر من هذا الذي أقتبسه بن عربي أو الحلاج أو بوذا أو لاوتسي أو يسوع أو …الدالاي لاما ، ولكن محمد فعل ما لم يجرؤ هؤلاء وغيرهم على فعله …. أحاله إلى أيديولوجيا متناقضة ساذجة مضطربة عدوانية عنصرية دموية ضيقة الأفق تفتقد للرحابة و تناقض العقل والمنطق…!

أي متأملٍ في يومنا هذا ( والتأمل الخالص هو الخروج من سجن العقل إلى الفضاء الكوني اللامحدود الذي تسبح فيه الأرواح بحريةٍ لتتواصل مع الروح العليا ، روح الرّب الواحد ) يمكنه أن ينال من قبس الحقيقة ذات المقدار الذي ناله محمد ، بل أكثر ، لكن أي متأملَ يجرؤ على التصدي للهم السياسي المادي الدنيوي ، الذي تصدى له محمد ، فيحيل نور الحقيقة إلى شرعٍ مضطربٍ عنصريٍ وتاريخٍ زائفٍ متناقض ونسقٍ أيديولوجي مستلبٍ لحقوق الآخرين وحرياتهم …؟

لقد أبدعَ محمد كتاباً جامعاً شاملاً هزيلاً غاية الهزل حافل بجميل الكلام والكثير من اللغو في القصّ وبأسماء وحكايات غريبة ومتناقضة ، لم تثبت الكشوف العلمية صحةَ أيٍ منها ، وإذ تحاول أن تجد قبساً روحانياً في الكتاب على سعته فإنك تعود فارغ اليدين ، إذ لا روحانية في الكتاب على الإطلاق …!

أساطير العهد القديم أعاد محمد قصّها بأسماء جديدة تناسب اللغة العربية وذائقة القبائل العربية ، أما الجزء الأكبر في الكتاب فكان مشغولاً بمتاعب محمد وأسرته ونسائه مع قريش وقبائل العرب الأخرى وجلّها تعنى بالدفاع عنه وعن نسائه وأصحابه .

لم يكن العرب في واقع الحال من السذاجة في أن يتقبلوا ما جاء به محمد بسهولة ، لا مطلقاً … بل قاوموه ووضعوا أمام عينيه أسئلةٍ

محرجة تعذر عليه الإجابة في الكثير منها ، ولكن قريش وبحكم ذكائها التجاري ، وبحكم إطلاع تجّارها على حجم التطور الجاري خارج حدود جزيرة العرب ( مصر والعراق وبلاد الشام وفارس ) ، وجدت في الدين الجديد باب استثمار كبيرٍ قادم ، لو أنها هادنت محمد وأظهرت له الدعم والولاء ولو زيفاً …!

وكان لقريش ما أرادت ، فبعد أن شرعت بسحق القبائل المنافسة أو طيها تحت العباءة الإسلامية ، تزعمت جيوش الفتح الإسلامي لتنال النصيب الأكبر من الغنائم والأسواق التجارية .

انتصرت العقيدة الإسلامية بحكم قوة التصورات الذي خلقها محمد في أذهان أتباعه ، وجلّ تلك التصورات دنيويةٌ ماديةٌ .

كان الرجل مقنعاً للغاية ، لأنه كان ذاته مؤمنٌ غاية الأيمان بهذا الذي يقوله ويعيد تصويره بمهارةٍ فنّيةٍ رائعة .

كان خصب الخيال ، ملهماً ذكياً بارعاً في القول وفي الحلم و…يعرف جيداً ما يريد ….وما يريده الآخرون …!

وماذا يريد الآخرون …؟

ماذا يريد العبد الأسود الذليل الذي لا أمل له ولا مستقبل ؟

ماذا يريد البدوي … الصحراوي …راعي الإبل ؟

بل وماذا يريد شيخ القبيلة … الزعيم القبلي الذي لم يبارح صحراءه ، ولا يعلم ماذا وراء حدود هذه الصحراء ؟

القيمة …المال … الجنس …. الخلود …!

حسناً …. لكم ما تشاءون إن خرجتم معنا … لكم الأهمية والقيمة والمال والنساء والسلطة و… الخلود بعد الموت …!

المال … خذوا كل ما تغنمون من الآخرين واقتسموه بينكم ، ومن لا يخرج ليس له في الغنائم نصيب …!

الجنس … لكم بنات ونساء وأمهات… أعدائكم (…بل وحتى سلاطينهم) … أزواجاً وجواري …!

ثم …لكم أوطانهم وضياعهم وأراضيهم وبيوتهم حلالٌ وحقٌ لن ينازعه فيكم أحد …!

ماذا يريد الناس أكثر من هذا ، وهم يعيشون الحروب والغزو الدائم بينهم منذ الأزل دون أن يحصل تراكمٌ حقيقيٌ في الثروة والمال والمتعة ونمط العيش ؟

وماذا يرادُ منهم مقابل هذا ؟

لا شيء أكثر من أن يؤمنوا أو يدّعوا الإيمان ويكفّوا عن الاقتتال بينهم ليتفرغوا لقتل آخرين من غير جنسهم أو يطّوعوهم لقناعاتهم ويستلبوا بالحسنى قلوبهم وعقولهم فيوفروا دمائهم ويقللوا حجم الكراهية وبالتالي يمكن أن يكون الاستثمار أبعد شأواً من الغزوات القبلية السابقة …مضافاً إلى أن أولئك الآخرين أكثر ثراءٍ وبسطةٍ في العيش ونسائهم أجمل وأرقّ حاشيةٍ وأكثر تحضراً .

حسناً … والخلود يا محمد …؟

نريد خلوداً وإقامةٍ أبديةٍ في بسطةٍ ورخاء من العيش ولذّات لا تنفذ …!

ولكم هذا … أجاب محمد …!

ولكم هذا ، وما هي إلا إنتقالةٌ سريعةٌ من هذا البعد الفيزيقي الثقيل الجرم إلى بعدٍ سماويٍ شفاف تنعمون فيه بصحبة خير الصحاب وأجمل النساء والغلمان …!

هناك تلتقون بمن فقدتم وترون جميلات العصور وحكماء الدهور منذ الأزل ، هناك تنعمون بما لا رأت عينٌ ولا سمعت أذن ، من نعمٍ يعجز اللسان عن وصفها …!

أنهارٌ من الخمر والعسل واللبن … !

ونساءٌ فائقات الجمال من كل شكلٍ ولون ، وولدان …آياتٌ في الحسن بديعات …!

ما هي إلا شهقةُ الموت ، وإذ بكم في العالم الآخر ، شريطة أن تموتوا على هذا الطريق الذي انتهجناه في نشر دعوتنا وإقصاء دعوات الآخرين …. كلّ الآخرين …!

مالٌ وجنسٌ وخمرٌ وخلودٌ وغلمان …!

ماذا يريد الناس أكثر من هذا …؟

لو لم يكن للدعوة المحمدية ما كان لها من منظومةٍ قيميةٍ مصاحبة لا يشك أحدٌ بجمالها وجودتها وضرورتها للنجاح ، كالصدق والأمانة وعفة اللسان وحرمة دم المسلم وماله وعرضه ، لكانت قبائل المسلمين كقبائل الهون التي دمرّت الإمبراطورية الرومانية أو كقبائل التتر الذين استباحوا الشرق فدمروا حضارته وأفسدوا في الأرض أيما إفساد ، والذين أتطفأ وهج غزواتهم بعد حينٍ ولم ينجحوا في أن يحسنوا استثمار ما ملكوا إلا بعد أن اعتنقوا ديانات ضحاياهم …!

المنظومة الأخلاقية ، سلاحٌ حيويٌ سحريٌ ، ييسر عبور الصحارى والبحور المفضية إلى أسوار قلوب الآخرين قبل أسوار مدنهم …وامتلاك نبضات القلوب وخطرات الفكر قبل الوصول إلى الجيوب والدكاكين وقصور الملوك …!

وهي عدّة المقاتل وزوادته التي تغذيه بالمعنى في الاستمرار في هذا الدرب المفضي إلى الموت أو المجد ..!

أنها ضروريةٌ للغاية في عبور أنفاق الملل والإحباط والشك والجبن والتردد واللا معنى …!

المنظومة الإيمانية في الإسلام ( والأخلاق من ضمن مفرداتها ) تضع كامل حياة الفرد ( أي فردّ ) ضمن مخططٍ أيديولوجي واحدٍ سالف التخطيط بسيط المفردات ( المتطلبات ) ، يماثل إلى حدٍ كبيرٍ دائرة محكمة الإغلاق ( أو هكذا يبدو للسذج من الناس ) ، يبدأ بأن تؤمن ( أو تتظاهر بالإيمان ) وتنفذ كامل حزمة الإيمان أو البعض منها ثم تموت لتذهب إلى الآخرة فتخلد في الجنّة لتكمل نواقص الدنيا وتتنعم بكل ما فاتك أو تواصل التنعم بما لم يفتك وما لم تفرط فيه على حساب متطلبات الآخرة .

ونجح الإسلام في أن يعطي الناس إحساساً بالهوية والقيمة والمعنى كما وأشبعهم مادياً وبالذات قادة الجند وزعماء القبائل والجيش .

مدى مصداقية كل هذا الذي منحه الإسلام لأتباعه ، تجلى زيفه وضحالته وتهافته بعد سنوات قليلة من ظهور الدعوة ، وقبل وفاة محمد ذاته إذ أقتتل الأنصار والمهاجرين على من سيرث الملك ، وما هي إلا بضع سنينٍ أخرى وإذ بالحياة تنتصر على دعوات الموت ، وإذ بالسياسة تنتصر بشكل مطبقٍ مطلق على الجانب الديني الأخروي للإسلام ، وما عاد من الأيديولوجيا إلى طقوسٍ تمارس بأقل قدرٍ من الإيمان وأكبر قدرٍ من الاضطرار والخوف …والشك !

الأسلاف الذين تدفقوا عابرين الصحارى والفيافي جهة بيزنطة ومصر وفارس والعراق وفي عيونهم تتلألأ وجوه الجواري الأصفهانيات والقبطيات والرومانيات وأحلام الملك والثروة وضياعٌ فسيحةٌ على الفرات أو النيل ، أولئك أنتابهم الخمول والخور والملل والبطر بعد حينٍ ، إذ شبعوا مما ملكوا ، ولم يتخلف من الإسلام بعد بضع قرونٍ إلا أمةٍ جبانةٍ مثقلةٍ بالخوف والذلّ والمهانة …!

الخوف الذي زرعه محمد في أتباعه من الفشل في تحقيق شروط إرضاء الرب ، تحول عبر الوراثة والتلقين المتواصل إلى كابوسٍ يخنق الأنفاس ويسحق العقول والضمائر …!

القيم الجاهلية التي عززها محمد بنصوصه القرآنية ثم توالى التابعين جيلاً إثر جيلٍ بأغنائها بالإضافات ، عززت من انفصال المسلمين عن بقية بشر الله ، بل وعززت الانفصال الداخلي في ذات الأمة الإسلامية بين الرجل والمرأة ، بل وعززت انفصال المرء ذاته عن ذاته ، فالمرء لكي يصلح إيمانه لا بد له من أن يتبع شروط الأيمان الصالح التي خطها السلف الصالح وبالتالي عليه أن يتنكر لعقله وروحه وضميره الذاتي وينحاز لضمير محمد وعقل عثمان وروح الأسلاف الصالحين ، لكي ينجح في العبور من برزخ المادة الكريه الثقيل إلى فضاء الجنة الجميل .

المدهش أن الإسلام عاش لأكثر من ألف عامٍ ، لا هو بالحي فينمو ويتنفس ويتكاثر ويزدهر وتزدهر من خلاله الأمم التي تتبعه ، ولا هو بالميت فيدفن ويترحم عليه …!

لماذا ظل يحتضر كل هذا الدهر دون أن يموت … أو أن يتطوع عقلٌ لامعٌ ليطلق عليه رصاصة الرحمة …!

بل لماذا لم يتسنى له من ينقذه من احتضاره أو على الأقل يحرر قبس الرّب الحبيس كفّه ثم يدعه يموت …لماذا ؟

حسناً …. إشكالية الإسلام ، والتي تجعله مغايرٌ لكثيرٍ من الأيديولوجيات الإصلاحية ( السياسية والقيمية ) ، هو إنه جعل الإيمان إلزامياً وربطه بثنائية العقاب والثواب .

أنت ملزمٌ كمسلم ولو بالوراثة في أن تؤمن أو تدعي الإيمان بكامل الحزمة الإيمانية ، فإن لم تفعل فأنت كافرٌ مرتدٌّ ودمك حلالٌ ، ولأي صعلوكٍ الحق في سفك دمك ...!

هنا … بين أن تموت وأن تبقى حياً حتى يغيض لك الرّب ميتةٌ طبيعية ، عليك أن تحافظ على مظاهر الإيمان وأولها أن تصون لسانك وتغلق على عقلك بالضبة والمفتاح .

وهذا ما فعلته الأجيال جيلاً إثر جيل منذ أكثر من ألف عام ، وعلى هذا عاشت وماتت عقولٌ وعقولٌ عظيمة كان من الممكن أن ترتقي بأممها مراقي العزّ والمجد لولا إلزامية صون اللسان والحجر على شطحات الفكر من أن تنطلق بحرية .

الإيمان الملزم لم يكن سمة الإسلام وحده ، فقد كانت المسيحية أيضاً ولبضع قرونٍ خلت تلزم الناس بالإيمان أو ادعائه ، ولكن الفرق بين الكنيسة المسيحية والجامع الإسلامي هو أن الكنيسة لم تكن تنطلق من قولٍ فصلٍ ليسوع بإلزامية التدين أو إظهار التدين ، لا … أبداً …!

يسوع لم يفترض أن لديه رسالةٌ إلزامية للبشر بضرورة التعبد والدعوة .

يسوع قال لهم حين أرادوا تنصيبه ملكاً عليهم ( مملكتي ليست بينكم ولكنها هناك … في سماء الرّب ) .

يسوع لم يكن داعية سياسي أو ديني يلزم الناس على إتباعه وتحقيق حلمه في مملكةٍ عريضةٍ يتهجد الناس فيها باسم الله ليل نهار ويحاربون باسم الله… ليل نهار …!

يسوع … لم يسلم خده الأيسر حسب لمن صفع خدّه الأيمن ، بل أسلم جسده وروحه لأعواد الصلب الرومانية دون أن ينتحب أو يبكي أو يعترض أو … يرفع سيفاً …!

أما محمد فقد كان مقاتلاً …كان لديه عدة حربٍ ( سيفٌ ودرعٌ وجوادٌ ) ، وكان يتقدم الصفوف أحياناً ويضع الخطط ويرسم التحالفات ، ويقاتل ويفاوض ويقتل ، ويبعث بمن يغتال له الخصوم ( من المرتدين والمتنبئين ) وهم على أسرّتهم وبين بنيهم وأهليهم …!

محمد دافع عن قناعاته بقوة وبكل السبل ، وربط تلك القناعات بحلم إقامة الدولة الإسلامية العريضة ، والزم الناس بالولاء الذي يكافئ صاحبه عزّاً في الدنيا وفي الآخرة .

محمد وضع شروط إقامة الدولة الشمولية ، إذ ألزم الحاكم بضبط عقول وقلوب المحكومين وألسنتهم ضمن النسق المعرفي الضيق الذي أوجده …!

بل ولم يكتفي بهذا بل أغلق على الناس باب الإبداع والاجتهاد للخروج من النفق المعرفي الساذج الذي أوجده ، فقال لهم ( ما نصّه بلغة عصرنا ) لا تنتظروا أحداً بعدي فأنا آخر من أتاكم من الرّب وتلك آخر الرسالات الربانية ، أما ما سلف من رسالاتٍ فهي ما عادت صالحةٌ بوجود رسالتي وبالتالي فيجب على أولئك التابعين لتلك الرسالات أن يجددوا معارفهم وقناعاتهم بأتباع الجديد الذي جئت به والذي هو مكملٌ للقديم الذي لديهم ، هذا إذا لم يشاءوا ( أولئك التابعين للأديان الأخرى ) أن يعيشون في مملكتي بغمٍ وكربٍ وذلّ ، إذ …ما لدي وحدي هو الصالح من يومي هذا وإلى أبد الآبدين .

هذا بعض ما تركه محمد لأسلافه وللناس كافة .

الأتباع تمسكوا بقشرة النهج المحمدي لأنها الضمانة لاستمرار النعم المادية من عبيدٍ وجواري وغلمان وملك وسلطةْ ، والثمن الذي ضل يُدفع ، كان من بعض ما تملك النفس البشرية المراوغة دفعه ، إدعاء الإيمان والتظاهر به .

المدهش أيضاً في الإسلام أن المدعين به هم الوفر حظاً في النعمى من الصادقين فيه ، رغم قلتهم وكثرة الآخرين .

المدعين كانوا الأوفر حظاً في الثراء والنساء والسلطة والعمر المديد ، أما الصادقين فكانوا الأذلّة المنبوذين …!

لماذا …؟

وتلك سمت كل الأيديولوجيات الشمولية الجبرية ، لأنها تفسح للنفاق باباً واسعاً إذ ليس من قدرةٍ مخابراتيةٍ يمكن أن تستبطن وتستجلي خفايا القلوب هذا أولاً ، وثانياً لأن من يتصدى للجانب الدنيوي الخالص من الدين هم أولئك المفرطون في الحسية ولا يتم الإفراط في الحسية إلا على حساب الروحانية .

مضافاً إلى أن الروحانية في الإسلام تكاد تكون شاحبةٍ هزيلةٍ أصلاً ، إذ إن محمد ذاته قد فرقّ بين نهجه ونهج من سبقوه من أديان بالقول ( لا رهبانية في الإسلام ) بمعنى أن العزلة والوحدة والتأمل الخالص والتقشف ليست من صفات الإسلام وإن اعتمدت أحياناً فلغرض إغراء الناس بأن هناك روحانية في هذا الدين .

ولهذا نجد أن جلّ المتصوفة الإسلاميين الصادقين على افتراق كبيرٍ مع رجال الشرع ويسمون أنفسهم أهل الحقيقة لا أهل الشرع ، بل إن جلّهم كانوا يتعبدون بطرقهم الخاصة ويقولون أن ما هو فرضٌ على أهل الشرع ليس بفرضٍ عليهم .

ما نراه في يومنا هذا مما تبقى من الإسلام ، لا يسرّ إلا القلّة من الجهلة والغوغائيين والمحبطين نفسياً وجنسيا .

إننا في أشد حالات التناقض والإحتراب مع أنفسنا والحياة والعالم من حولنا وحقائق العلم ومسلماته التي لا تقبل الجدل أو الشك .

نحن ضائعون خائبون معزولون مضطربون ، لا نعرف ما نفعل بهذا الموروث الثقافي الكسيح الذي لدينا والعاجز عن أن يفسح لنا فسحة تواصل مع الخارج ومع الحياة .

ما مصيرنا في هذا العالم ، وما مصير هذا العالم الجميل من حولنا بهذا الغليظ الثقيل الساذج العاجز الذي نرتديه ويرتدينا .

هذا الذي يثقل خطانا وأكتافنا ، فلا نحن قادرين على إصلاحه ليتحرك بعجلته الذاتية ، ولا نحن قادرين على التخلص منه لننطلق بخفةٍ وحرية .

أضن أننا وصلنا إلى مرحلة اللارجعة في الخيارات … أما أن نكون أو لا نكون …!

أما أن نعيش كبشر مثل كل بشر الله بلا قيود داخليةٍ نحملها حيث نذهب وإما أن نسحق بالكامل تحت وطأة أغلال محمد حتى نتحجر كالديناصورات .

لم يعد هناك هامشٌ للمناورة فالعولمة ستغزو الكون وجوامعنا وتكايانا ومقابر أشياخنا وقصور شيوخ قبائلنا ، لن تستطيع حتى أن تحمي نفسها من الغزو الحضاري المبارك القادم .

لقد عصفت العاصفة المباركة ، وأنطلق الطوفان هادراً ولن يستطيعون الظلاميون وقفه وأن قتلوا ألفاً أو ألفين أو مليون منّا … !