هل يسوع المسيح ملعون ؟
NewMan بقلم
(اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». ) (غلاطية 3: 13)
هل يفهم احدا من هذا ان يسوع المسيح المصلوب ملعون ؟
للأسف فأن بعض المشككين والمعترضين يقولون بهذا الاستنتاج الخاطيء، ولكن من يقول بهذا لم يقرأ النص جيدا، ولم يفهم المعنى الذي يقوله الوحي المقدس ، فهو يقول (المسيح صار لعنة) ولا يقول (صار ملعونا) ويقتبس من شريعة الناموس التي تقول (ملعون كل من علق على خشبة) وهي لا تنطبق على المسيح بأي حال من الاحوال، تعال معي خطوة خطوة ، لنقرأ ماذا تقول شريعة المعلّق على خشبة وهل تنطبق على حال المسيح المصلوب ، ولنقرأ معا [1]:
(22 «وَإِذَا كَانَ عَلى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا المَوْتُ فَقُتِل وَعَلقْتَهُ عَلى خَشَبَةٍ 23 فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً».) (سفر التثنية 21: 18 - 23)
واضح اذا ان شروط الشريعة لا تنطبق على يسوع المسيح، فهو:
اولا : ليس عليه خطية حقها الموت، اذ يشهد له الكتاب المقدس بانه بلا خطية [2].
ثانيا: هذه الشريعة تعقب من يموت بحكم الرجم، وهذا لا ينطبق ايضا، فالمسيح لم يحكم عليه شيوخ اليهود بالرجم ولكن بالتسليم الى الرومان.
ثالثا: لم يعلقوه بعد موته على خشبة (او شجرة بحسب النص العبري) [3]، فهو تم تعليقه على الصليب حيا حتى الموت بحسب القانون الروماني.
*************
اذا كيف نفهم ان المسيح (صار لعنة لاجلنا) ؟؟
لكي تفهم الاجابة على هذا السؤال ، سأعطيك هذا المثال لتتصور معي :
(فلان) أخطأ ودخل عالم الجريمة وعقد معاهدة مع عصابة ان يخدمهم وهم يعطوه بالمقابل المال والجاه ، وكان من شروط العصابة ان من يخرج عنهم سيقتلوه، لامجال للخروج او التراجع عن دخول هذا الحلف حيا، فحدث ان تقابل هذا (الفلان) مع شخص آخر (بريء) وتعلم على يديه التوبة وندم على حياته في الجريمة ، واراد الرجوع عن هذا الطريق ، فقررت العصابة تنفيذ العقوبة على (فلان) وقتله بطريقة تبدو وكأنها حادثة ، او انه مات اثناء سيره في الشارع بحادث سيارة مسرعة تصدمه وتهرب، وكان (فلان) يسير في الشارع مع صديقه (البريء) وعندما ادرك (البريء) ان السيارة تقصد قتل (فلان) فدفعه من مسار السيارة ، فأخذ هو مكانه ، فصار هو في مسار السيارة فصدمت الشخص (البريء)، ليموت دافعا ثمن العقوبة التي يستحقها (فلان)، وهذا ما نعرفه في اللغة والفهم (بالفداء) اي ان يموت (البريء) في مكان الشخص الجاني، ليحيا (فلان) بموت (البريء) الذي مات باللعنة التي لا يستحقها هو بل يستحقها (فلان) الجاني.
هذا تماما ماحدث مع الانسان عند كسر (قانون الله) ، هذا القانون اعطاه الله للانسان قبل الخطية (يوم تأكل من الشجرة موتا تموت) (تكوين 2: 17)، وبالاستماع الى كلام غواية الشيطان فاننا عقدنا معاهدة معه على عصيان كلمة الله ، واصبحنا بذلك عبيدا للشيطان، وتحت حكم الموت، بحسب قانون الله:
(لان اجرة الخطية هي موت. واما هبة الله فهي حياة ابدية بالمسيح يسوع ربنا) (روميه 6: 23)
وبالرغم من اننا مستحقين العقوبة، فان الله اوجد طريقة الخلاص ، لقد جاء المسيح منقذا لنا من الموت ، فداس الموت بالموت، فقد مات البريء بديلا عن الجاني ،أو كما قال اللص المصلوب على اليمين:
(39 وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا ان كنت انت المسيح فخلّص نفسك وإيانا. 40 فاجاب الآخر وانتهره قائلا أولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه. 41 اما نحن فبعدل لاننا ننال استحقاق ما فعلنا. واما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله.) (لوقا 23: 39 - 41)
ولهذا فالمسيح لا تنطبق عليه عقوبة الناموس (من كان عليه خطية حقها الموت)، ومع هذا فقد اخذ عقوبتنا فصار هو (لعنة لاجلنا) ، او بمعنى آخر كما قال الكتاب المقدس ايضا:
(لانه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لاجلنا لنصير نحن بر الله فيه) (2 كورنثوس 5: 21)
******************
وهذا التعبير ايضا نفهمه في كلام السيد المسيح مع نيقوديموس حينما قال:
(14 وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان 15 لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. 16 لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.)
(يوحنا 3: 14 - 16)
والصورة هنا واضحة لمن يعرف قصة الحية النحاسية التي رفعها موسى في البرية ، والتي جاءت في سفر العدد [4]:
لقد استحق الشعب بخطيته والتذمر ضد الله عقوبة الموت بالحيّات القاتلة، ومع هذا اوجد الله طريقا للخلاص والحياة لمن يتوب ويندم عن الخطية، فأمر موسى بصنع الحية النحاسية، فكل من ينظر اليها بالايمان يحيا من لدغة الحية الحقيقية .
الصورة نفسها (وقد كانت نبؤة) استخدمها المسيح في حواره مع نقيوديموس، فهو لم يعرف خطية، ولكنه قد صار خطية (آخذا مثال وشكل الحية النحاسية المعلقة) لاجلنا فنحيا بالنظر اليه والايمان به وننجو من عقوبة الموت باللدغ من الحيات المميتة والقاتلة.
*************
المعنى ببساطة شديدة يقول : أنا وانت من يستحق اخذ العقوبة والموت ، ولكن المسيح البريء والذي لم يفعل خطية مات بدلا عنا بنفس شكل العقوبة التي يستحقها الخاطيء.
فهو المعلق على الخشبة بغير خطية ، فصار لعنة (وليس ملعونا) ، وهو الآخذ شكل الحية النحاسية لاجلنا، فصار خطية (وليس خاطئا)، ليس لانه فعل ما يستحق هذه العقوبة ، بل لاجلنا. ولهذا فهو الوحيد الذي اجتاز الموت وخرج منه حيا ، فموته على الصليب لم يكن لخطية ارتكبها او لعنة يستحقها ، قيامة المسيح هي برهان قداسته وعدم قدرة الموت على الامساك به (اعمال الرسل 2: 24)
الكلام بصورة اخرى : رجل الاطفاء يدخل الى النار مجهزا بملابس خاصة وواقية لينقذ الناس من داخل النيران، فلا تحرقه النار ولا تؤذيه ، والا لدخل الى النار فمات مع الناس بدلا من انقاذهم ، مثال آخر : اشعة الشمس المطهرة تقع على المستنقعات والبرك فتطهرها من البكتريا والملوثات ولا تتأثر هي بالتلوث، ولكن ليتم هذا يجب ان تصل اشعة الشمس الى المياه.
وكما يجب على رجل الاطفاء ان يدخل الى النارويخرج حيا، وتصل اشعة الشمس الى المياه ، ولا تتلوث ، هكذا المسيح ليفتدينا سقطت عليه لعنة الموت فكان هو الدرع الواقي لنا فلم تصل ضربة الموت الى المحتمين به، ولم يستطع ان يمسك به الموت ويؤثر فيه، وحق للمفديين الذين انقذهم المسيح بعمله ان يهتفوا (55 اين شوكتك يا موت.اين غلبتك يا هاوية.56 اما شوكة الموت فهي الخطية.وقوة الخطية هي الناموس.57 ولكن شكرا للّه الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح.) (1 كورنثوس 15: 55 - 57)
***************
مات المسيح لاجلنا : انا وانت، (صار لعنة) و(صار خطية) لاجلي انا وانت ، ولكي يفتدينا يسوع المسيح من الموت ، كان عليه ان يجتاز الموت بالجسد كانسان مثلنا في كل شيء بلا خطية (عبرانيين 4: 15) ويخرج من الموت ثانية منتصرا عليه وحيا وهو ما لم يفعله احدا من قبل، لان الجميع بلا استثناء خطاة واعوزهم مجد الله (روميه 3: 23)، اما المسيح الذي بلا خطية فلم يستطع الموت ان يمسك به (اعمال 2: 24) ، وقيامته هي البرهان والدليل ، فانظر ماذا انت فاعل ؟؟
قال احد المؤمنين به : ( مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا فيّ.فما احياه الآن في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي) (غلاطية 2: 20)
وهو نفس ما يقوله كل من يؤمن بالمسيح يسوع مخلصا وفاديا، مات فداء عن الخطايا التي فعلناها نحن، وقام لاجل تبريرنا وخلاصنا .
سلام ونعمة المسيح معكم
****************
الهوامش :
[1] (18 «إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. 19 يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ 20 وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21 فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ. 22 «وَإِذَا كَانَ عَلى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا المَوْتُ فَقُتِل وَعَلقْتَهُ عَلى خَشَبَةٍ 23 فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً».)
(سفر التثنية 21: 18 - 23)
[2] الكتاب المقدس يشهد للمسيح انه بلا خطية :
( فاجاب الملاك وقال لها.الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله.)(لوقا 1: 35)
(لان ليس لنا رئيس كهنة غير قادر ان يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية)(عبرانيين 4: 15)
(وتعلمون ان ذاك أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية.)(1 يوحنا 3: 5)
(الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر)( 1بطرس 2: 22)
(من منكم يبكّتني على خطية. فان كنت اقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي.)(يوحنا 8: 46)
(لانه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لاجلنا لنصير نحن بر الله فيه)(2 كورنثوس 5: 21)
[3] http://www.blueletterbible.org/Bible.cfm?b=Deu&c=21&v=1&t=KJV#conc/22
[4] (5 وتكلم الشعب على الله وعلى موسى قائلين لماذا اصعدتمانا من مصر لنموت في البرية لانه لا خبز ولا ماء وقد كرهت انفسنا الطعام السخيف. 6 فارسل الرب على الشعب الحيّات المحرقة فلدغت الشعب فمات قوم كثيرون من اسرائيل. 7 فاتى الشعب الى موسى وقالوا قد اخطأنا اذ تكلمنا على الرب وعليك فصل الى الرب ليرفع عنا الحيّات.فصلى موسى لاجل الشعب. 8 فقال الرب لموسى اصنع لك حية محرقة وضعها على راية فكل من لدغ ونظر اليها يحيا. 9 فصنع موسى حية من نحاس ووضعها على الراية فكان متى لدغت حية انسانا ونظر الى حية النحاس يحيا)(سفر العدد 21: 5 - 9)