For God so loved the world, that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life.

الجمعة، ٢٢ يونيو ٢٠٠٧

الإرهاب الإسلامي في التاريخ [3-2]... غزو العراق وفارس

لم تكن حروب الردة * استثناءاً في التاريخ الدموي للإسلام بل مجرد البداية والقاعدة لمزيد من الدمار، فعلى أشلاء الحضارات الأخرى قام الإسلام ومازال قائما ، ولم يكن الاختراع المحمدي لمفهوم الحروب الدينية سوى البذرة لمشروع الامبراطورية الإسلامية التي فاقت كل الإمبراطوريات التي سبقتها في القسوة والدموية وشريعة الحرب ، وصارت إلهاما لإمبراطوريات بعدها.
المحلل للتاريخ يجد أن الإله الإسلامي لم يكن إلا الصنم الأكبر الذي صنعه محمد ، وصنع معه ماكنية حربية لنصرة هذا الصنم إما بنشر عبادته او بالدفاع عنه وعنها ، وفي الوقت الذي يؤكد فيه الإيمان اليهودي مثلا على أن الإله هو من يدافع عنهم وهم صامتون ساكنون (خروج 14: 14) ، كان التشريع الإسلامي يأمر المسلمين بالدفاع عن إله صامت صمت القبور ليس كمثله شئ يقف أمامه المسلمون كالبنيان المرصوص ليحمونه من رياح العقل والحرية بقوة السيف (1) . فهو إله يحتمي وراء أتباعه ، كما كان يحمي عبدة الأصنام أوثانهم .

وأما بعد حروب الردة واخضاع العرب ، اتجهت ماكينة الحرب الإسلامية إلى غزو العراق وفارس على يد خالد بن الوليد ومن معه من أمثال سعد بن أبي وقاص والمثنى بن حارثة (من عام 12 هـ / 633-634 م إلى 17 هـ/ 638م)

**************
محمد: «... نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ...وَأُحِلَّتْ لِىَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى ... » . (البخاري-التيمم-335-طرفاه 438 ، 3122 - تحفة 3139 - 92/1)
« نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ عَلَى الْعَدُوِّ ... وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِى يَدَىَّ ».(مسلم-المساجد-1199)

قوم يحبون الموت :
وكان المثنى بن حارثة الشيباني قد استأذن أبا بكر أن يغزو بالعراق فأذن له، فبدأ يغزوهم قبل قدوم خالد بن الوليد ، وبدأ خالد كما أمره ابو بكر بمدينة الأبلة في جنوب العراق (في معركة ذات السلاسل)، في الوقت الذي أرسل فيه ابو بكر إلى "عياض بن غنم" أن يقصد مدينة المصيخ شمال العراق ويسير حتى يلقى خالداً جنوبا ، في كماشة إسلامية تضمن اخضاع الجميع غصبا للدين المحمدي ، وكانت مدينة الأبلة من أعظم ثغور فارس ، وكان صاحب حصنها اسمه هرمز .
فلما سمع هرمز بقدوم جيوش الدمار المحمدية (حوالي 12000جندي) كتب إلى أردشير الملك الفارسي بالخبر، وتعجل أصحابه ليتلقى خالداً، فسمع أنهم تواعدوا إلى الحفير، فسبقهم إليه ونزل به وجعل على مقدمته قباذ وأنوشجان، وكانا أميرين من أولاد أردشير الأكبر الملك الفارسي ، وربط هرمز فئات من جنوده في سلاسل حتى لا يهربوا ولهذا سميت الوقعة ذات السلاسل .
أما خالد فقد كتب إلى هرمز : أما بعد، فأسلم تسلم، أو اعتقد لنفسك وقومك الذمة وأقرر بالجزية ؛ وإلا فلا تلومن إلا نفسك، فقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة . وصدق فيها خالد ... إنهم يحبون الموت للآخر قبل أنفسهم وقبل الحياة ، فلما اشتبك الجيشان انهزم أهل فارس ، وركب المسلمون أكتافهم إلى الليل (2)

المرأة الغامضة التي أسلمت خوفا
وخرج المثنى حتى انتهى إلى نهر المرأة، وانتهى إلى الحصن الذي فيه المرأة، فخلف المعنى بن حارثة عليه، وحاصرها في قصرها، ومضى المثنى فقتل واستفاء الأموال ؛ ولما بلغ ذلك المرأة صالحت المثنى وأسلمت، فتزوجها المثنى، وسبى خالد الأولاد المقاتلة وجعلهم من أهل الذمة (3)

أكثر من 30 ألف قتيل وعظيم الغنيمة
بعدها استكمل خالد الغزو بموقعة على نهر الثني (صفر 12 هـ / أبريل 633م) : فتحكي المصادر الإسلامية أنه لما وصل كتاب هرمز إلى أردشير الملك الفارسي بخبر قدوم خالد بن الوليد أمده بالقائد قارن بن قريانس، فلما انتهى هذا القائد إلى المذار لقيه المنهزمون في ذات السلاسل فاجتمعوا ورجعوا ومعهم قباذ وأنوشجان ونزلوا بقرب نهر الثني ، وسار إليهم خالد فلقيهم واقتتلوا، فقتل من الفرس ثلاثين ألفاً سوى من غرق ومنعت المياه المسلمين من طلبهم ، ولولا المياه لأتى على آخرهم ؛ ولم يفلت منهم من أفلت إلا عراة وأشباه العراة . وقسم الفيء وأنفذ الأخماس إلى المدينة وأعطى الأسلاب من سلبها، وكانت الغنيمة عظيمة، وسبى عيالات المقاتلين من الفرس من نساء و أطفال ، وأخذ الجزية من الفلاحين فصاروا ذمةً (4)

فقتل منهم خلقا كثيرا ... : أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ (المائدة 33)
ثم موقعة الولجة ضد الفرس ومسيحيي بكر بن وائل (صفر 12 هـ / مايو 633م) : فلما فرغ خالد من الثني وأتى الخبر أردشير بعث الفارس الأندرزعز ، وأرسل أيضا القائد بهمن جاذويه في أثره في جيش، واجتمع إلى الأندرزعز من بين مدينتي الحيرة وكسكر ومن عرب الضاحية والدهاقين ومسحيي بكر بن وائل وعسكروا بالولجة. فلقيهم خالد بالولجة وكمن لهم فقاتلهم قتالاً شديداً أشد من الأول فقتل منهم خلقاً كثيراً، ومضى الأندرزعز منهزماً فمات عطشاً، وأصاب خالد ابناً لجابر بن بجير وابناً لعبد الأسود من بكر بن وائل ، وجعل الفلاحين ذمةً، وسبى ذراري المقاتلة ومن أعانهم.

وخالد يأكل على جثة قتيل
ومن الغريب أن الطبري يذكر أن خالد قد بارز يوم الولجة رجلاً من أهل فارس يعدل بألف رجل فقتله، فلما فرغ اتكأ عليه، ودعا بغدائه ، وأكل خالد الغذاء فوق جثه قتيله (5)

70 ألف من القتلى المسيحيين ..أسال دمائهم كالنهر:
ثم حارب خالد مسيحيي عجل وتيم اللات وضبيعة وجابر بن بجير وعرب الضاحية من أهل الحيرة في موقعة أليس على الفرات : فلما حاول هؤلاء أن ينتقموا لما اصاب مسيحيي بكر بن وائل ، تحت قيادة عبد الأسود العجلي ، واقعهم خالد بن الوليد ، وأسال دمائهم كالنهر وأخذهم المسلمون أسرى ووكل بهم من يضرب أعناقهم يوماً وليلةً. وبلغ عدد القتلى سبعين ألفاً . فلما فرغ خالد من أليس سار إلى أمغيشيا (وقيل اسمها منيشيا) فأصابوا فيها ما لم يصيبوا مثله لأن أهلها فاجأهم المسلمون قبل أن ينقلوا أموالهم وأثاثهم وكراعهم وغير ذلك، وأرسل إلى أبي بكر الغنائم والسبي وأخرب أمغيشيا. فلما بلغ ذلك أبا بكر قال: عجز النساء أن يلدن مثل خالد. وقد صدق فأين له أي يجد وحشيا مثله لنشر الدين المحمدي على أسنة الرماح ، يقتل من أسرى مسيحيي العراق 70 ألف بين ليلة وضحاها (6)

هتك الأعراض والقتل والجزية على أهل الحيرة المسيحيين
ثم دارت موقعة فرات بادقلى وبعدها غزو الحيرة: (7) فبعد أليس ، سار خالد من أمغيششيا إلى الحيرة في خيل نحو القائد الفارسي ابن الأزاذبه فلقيه على فرات بادقلى فضربه وقتله وقتل أصحابه ، وسار بعدها نحو الحيرة وكان الكثير من سكانها من المسيحيين ... فأبى أهل الحيرة الخضوع لراية الإسلام وتحصنوا ، فقاتلهم المسلمون واقتحموا الدور والديرات وأكثروا القتل ، حتى كان أول من طلب الصلح عمرو بن عبد المسيح ، و صالحوا خالد على مائة وتسعين ألفاً جزية سنوية . وأبى خالد أن يصالحهم إلا بعد تسليم إحدى النساء وهي كرامة بنت عبد المسيح إلى شويل (8) .

فقء العيون على هدى النبي
وأما ما بعد الحيرة ، فقد غزا خالد الأنبار في موقعة (ذات العيون) (9) ، فقد سار خالد من الحيرة إلى الأنبار، فلما بلغها أطاف بها وأنشب القتال، وكان قليل الصبر عنهم ، وتقدم إلى رماته وأوصاهم أن يقصدوا عيونهم فرموا رشقاً واحداً ثم تابعوا فأصابوا ألف عين، فسميت تلك الوقعة ذات العيون. فمن بقى حيا بعدها بقى أعورا وشاهدا على وحشية خالد تابع محمد الصحابي الجليل والذي سار على هدي نبيه الذي سمر أعين الأعراب من قبل (10)

ثم قتلهم أجمعين حتى من استسلم: وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً (التوبة 123)
ولما فرغ خالد من الأنبار استخلف عليها الزبرقان بن بدر وسار إلى مدينة عين التمر وبها مهران بن بهرام جوبين حاكما في جمع عظيم من الفرس ، وعقة بن أبي عقة في جمع عظيم من العرب من النمر وتغلب وإياد ، ولما هزم خالد عقة في جيش العرب ، وبلغ الخبر مهران هرب في جنده وتركوا الحصن، فلما انتهى المنهزمون من جيش عقة إليه تحصنوا به، فنازلهم خالد، فطلبوا منه الأمان، فأبى، فنزلوا على حكمه، فأخذهم أسرى وقتل عقة ثم قتلهم أجمعين حتى من استسلم ، وسبى كل من في الحصن دون المقاتلين وغنم ما فيه، ووجد في بيعتهم أربعين غلاماً يتعلمون الإنجيل، فأخذهم فقسمهم بين الأمراء وأهل الغناء ... (11)
وهكذا كان الإسلام ينتشر

ولما سقط الحصن قتل الأسرى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ (الأنفال 67)
وبعدها أنتقل خالد إلى دومة الجندل : وكانت على الدومة رئيسين: أكيدر بن عبد الملك والجودي ابن ربيعة، فأما أكيدر فلم ير قتال خالد وأشار بصلحه خوفاً على أهل الدومة ، فلم يقبلوا منه، فخرج عنهم منشقا ، وسمع خالد بمسيرته فأرسل إلى طريقه عاصم بن عمرو قاطعا له الطريق فأخذه أسيراً فقتله .
وإنما هي دماء بلا ثمن حتى لمن رفض القتال .
فلما نزل خالد إلى الدومة خرج إليه الجودي في جمع ممن عنده من العرب لقتاله وأخرج طائفة أخرى إلى الجيش الآخر بقيادة عياض، فقاتلهم عياض فهزمهم، وهزم خالد من يليه، وأُخذ الجودي أسيراً وانهزم الباقون إلى الحصن، فلما امتلأ الحصن أغلقوا الباب دون أصحابهم ، فأخذ خالد من بقى خارج باب الحصن فقتلهم حتى سد باب الحصن، وقتل الجودي ولما سقط الحصن قتل الأسرى... وأي رحمة حتى في قتل الأسرى (12)

وقتلوا أولاده وأخذوا بناته ... بعد قتل النيام : الحرب خدعة (البخاري-الجهاد-3029)
ثم منها إلى موقعة حصيد والخنافس ومصيخ بني البرشاء (شعبان 12هـ / أكتوبر 633م) : وكان خالد قد أقام بدومة الجندل فحاول الفرس استغلال الفرصة وكاتبوا عرب الجزيرة فاجتمعوا لحربه، وقصدوا الأنبار يريدون انتزاعها من الزَّبرقان وهو نائب خالد عليها، فلمَّا بلغ ذلك الزَّبرقان كتب إلى القعقاع بن عمرو نائب خالد على الحيرة،
فبعث القعقاع أعبد ابن فدكي السَّعدي وأمره بالحصيد،
وبعث عروة ابن أبي الجعد البارقي وأمره بالخنافس،
وسار القعقاع بنفسه خلف أعبد نحو حصيد،
وقد اجتمع بها روزبه وزرمهر من قواد الفرس ، فالتقوا بمدينة حصيد، فقتل القعقاع من الفرس مقتلة عظيمة.. وهرب من هرب من الفرس، فلجأوا إلى مكان يقال له: خنافس فسار إليهم أبو ليلى ابن فدكي السَّعدي، فلمَّا أحسُّوا بذلك ساروا إلى المصيخ، فلمَّا استقرُّوا بها بمن معهم من الفرس والأعارب لحقهم وقصدهم خالد بن الوليد بمن معه من الجنود، وقسَّم الجيش ثلاث فرق وأغار عليهم ليلاً وهم نائمون، فقتلهم ولم يفلت منهم إلا اليسير، فما شبِّهوا إلا بغنم مصرعة (غنم الذبح) ، وقد كان حرقوص بن النعمان بن النمر قد نصحهم بالاستسلام فلم يقبلوا منه، فجلس مع زوجته وأولاده يشربون، وقال لهم: اشربوا شراب مودعٍ، هذا خالد بالعين وجنوده بالحصيد.. وبعدها كان مصيره ضرب رأسه ، وقتلوا أولاده وأخذوا بناته ، فلم ترض سيوف محمد إلا أن تنكح ما طاب من النساء بعد قتل الرجال (13)

فلم يفلت منهم أحد .. وهتكت اعراض النساء: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء .. أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ (النساء3)
ثم منها إلى موقعة الثني والزميل : وكان ربيعة بن بجير التغلبي بالثني والبشر(أو الزميل) ، وهما مدينتان شرقي الرصافة، قد خرج غضباً لعقة قائد الجيش العربي الذي قتل في دومة الجندل ، ومعه روزبه وزرمهر والهذيل، واما خالد لما أصاب أهل المصيخ ، خرج معه القعقاع وأبا ليلى ، وأمرهما بالمسير ليغيروا على ربيعه ومن معه بالثني ، وفاجئهم خالد من ثلاثة أوجهٍ كما فعل بأهل المصيخ وجردوا فيهم السيوف، فلم يفلت منهم أحد ، وغنم وسبى وبعث بالخبر والخمس إلى ابي بكر ، و قد اشترى على بن أبي طالب بنت ربيعة ابن بجير التغلبي ، فهو على ما يبدو كان يكثر من نكاح النساء والسبايا على هدي ابن عمه رسول العرب .
ولما انهزم الهذيل بمدينة المصيخ لحق بعتاب بن فلان، وهو بمدينة البشر، في عسكر ضخم، ففاجئهم خالد بغارة شعواء من ثلاثة أوجهٍ قبل أن يصل إليهم خبر ربيعة، فقتل منهم مقتلة عظيمة لم يقتلوا مثلها وقسم الغنائم (14)

يقتلون ما يقرب من 100 ألف: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً (التوبة 36) ...
ثم بعدها موقعة الفراض (ذي القعدة 12 هـ / يناير 634م) : وسارخالد بعد الثني إلى الرصافة وبها هلال بن عقة فتفرق عنه أصحابه، وهرب منها فلم يلق بها خالد اي مقاومة من الرضاب إلى الفِراض (وهي تخوم الشام والعراق والجزيرة) ، فلما وصلت بوادر الجيوش الإسلامية إلى حدود الشام في الفراض ، حميت الروم واستعانوا بأعوان فارس، واجتمعت معهم قبائل تغلب وإِياد والنمر، وصاروا إلى خالد ، فاقتتلوا قتالاً عظيماً ، وأمر خالد المسلمين أن لا يرفعوا عنهم، فقتل في المعركة وفي الطلب مائة ألف (15) .

ثم يذهب خالد ليحج
وبعد هذه المذبحة ذهب خالد ليحج ، ربما لمسح أنهار الدماء التي سالت من سيفه في استار الكعبة ، قرابين بشرية لإله الإسلام ، وبعدها انتقل خالد إلى الشام تاركا راية الإسلام الدموية إلى بعوث أخرى بعثها عمر بن الخطاب

ثورة أهل العراق وموقعة النمارق ...ومزيد من السبايا والتخريب (في العام 13 هـ / 634 م)
قام بحمل راية الجهاد والذبح بعد خالد بن الوليد ، عدة قواد منهم أبو عبيدة الثقفي وسعد بن عبيد وسليط بن قيس الأنصاريان والمثنى بن حارثة الشيباني ، فسار المثنى فقدم الحيرة، وكانت الفرس تشاغلت عن المسلمين بتغير الحكام والولاة ، وأنتهى الملك إلى يد رستم ، فكتب رستم إلى الدهاقين (من أهل العراق) أن يثوروا بالمسلمين، وبعث في كل رستاق رجلاً يثور بأهله .
فبعث القائد الفارسي جابان إلى فرات بادقلي.
وبعث القائد نرسي إلى كسكر .
ثم قدم المثنى بن حارثة إلى الحيرة وبعده بشهر أبو عبيدة . فبعث رستم جنداً لمصادمة المثنى ، والتقى الجيشان ، جيش جابان الفارسي ومعه جشنس ماه ومردانشاه ، وجيش المثنى وقد انضم له أبو عبيد في النمارق، ، فاقتتلوا بالنمارق قتالاً شديداً. فانهزم أهل فارس وُأسر جابان على يد مطر بن فضة التيمي، وأسر مردانشاه، على يد أكتل بن شماخ العكلي فقتله ...ثم أرسل أبو عبيد المثنى إلى باروسما، وبعث والقا إلى الزوابي وعاصماً إلى نهر جوبر؛ فهزموا الفرس وأخربوا وسبوا، وكان مما أخرب المثنى وسبى أهل وزندورد وبسوسيا (16)

الكثير من الغنائم :
وبعدها هرب المنهزمون في النمارق نحو كسكر (17) وبها نرسي (ابن خالة الملك الفارسي) ، فسار أبو عبيدة إليهم من النمارق فنزل على نرسي بكسكر، والتقى الجيشان أسفل من كسكر بمكان يدعى السقاطية، فاقتتلوا قتالاً شديداً ثم انهزمت فارس وهرب نرسي وغلب المسلمون على عسكره وأرضه وجمعوا الكثير من الغنائم..

ثم بعدها موقعة الجالينوس (18) وفيها هزم ابو عبيدة الجالينوس الفارسي في نرسي وهرب الجالينوس .

يقتلون 6000 من الفرس ويموت ابو عبيدة و4000 من المسلمين في موقعة الجسر
ولما رجع الجالينوس إلى رستم منهزماً ومن معه من جنده عاد فأرسله رستم مع بهمن جاذويه لإيقاف العرب ، فأقبل بهمن جاذويه فنزل بمنطقة قس الناطف .. ودارت الرحى وقُتل ابا عبيدة فكانت عقبة مؤقتة في طريق الجيش الإسلامي ولكنهم قتلوا من الفرس ما يقرب من 6000 مقاتل وسميت موقعة الجسر أو المروحة في شعبان 13 هـ / أكتوبر 634 م ، ولم يستمر النصر الفارسي بسبب الصراع بين رستم و الفيرزان على السلطة والحكم (19)

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ (محمد4)
ثم ثار أهل أليس على حكم المسلمين ، بقيادة جابان و مراد انشاه ، ونجح المثنى القائد المسلم في أسرهما ، فضرب أعناقهما، وضرب أعناق الأسراء من أهل أليس (20)

جثث 100 ألف قتيل ومزيد من الغنائم في موقعة البويب:
ولم يرضى المسلمون إلا بالانتقام لمقتل ابي عبيدة والهزيمة التي حاقت بهم ، وهذا في موقعة البويب بالقرب من الكوفة (شعبان 13 هـ / أكتوبر 634 م) وفيها ألتقى جيش المسلمين بقيادة المثنى بن حارثة والفارسي بقيادة مهران الهمذاني فقتل المسلمون الفرس وجعلوهم جثثاً. فما كانت بين المسلمين والفرس وقعة أبقى رمة منها وأكثر جثثا ، فبقيت عظام القتلى دهراً طويلاً، وكان عدد القتلى مائة ألف، وسمي ذلك اليوم الأعشار . ... وقد أصاب المسلمون أيضا غنماً ودقيقاً وبقراً (21)
بعدها أرسل المثنى الجيوش وغزا الخنافس مرة أخرى ، ثم شن المزيد من الغارات على السواد والمثنى والأنبار، وفيما بين أسفل كسكر وأسفل الفرات وجسور مثقف إلى عين التمر وما والاها من الأرض في أرض الفلاليج والعال. فلما رجع المثنى إلى الأنبار أرسل فرات بن حيان وعتيبة بن النهاس وأمرهما بالغارة على أحياء من تغلب والنمر بصفين، ثم اتبعهما ، ففر أهل صفين وعبروا الفرات إلى الجزيرة، وتحصنوا ... حتى إذا كان العشى هجم على القوم ، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الذرية ؛ واستاقوا الأموال (22)
ولما شعر أهل فارس والسواد (العراق) بتعاظم قوة المسلمين رغبوا في ايقاف المد الدموي على بلادهم وارسلوا إلى رستم والفيرزان وطلبوا منهما انهاء الصراع على الحكم والاستعداد لمواجهة مع الجيوش الإسلامية (23) وهذا ما قاد لمعركة القادسية

الجزية صغارا ... أم السيف هلاكا ... أم الإسلام
موقعة القادسية (14-15 هـ / 636 -637م) (24) في عهد عمر بن الخطاب جمع يزدجرد الفارسي طاقاته ضد المسلمين ، فبلغ ذلك المثنى بن حارثة الشيباني فكتب إلى عمر، فأرسل عمر بن الخطاب الجيوش بقيادة سعد بن ابي وقاص لحرب الفرس (ثمانية الآلف جندي + ثمانية الآف مع المثنى + مزيد من الامدادات) ، فكان جميع من شهد القادسية بضعة وثلاثين ألفاً، وجميع من قسم عليه فيئها نحو من ثلاثين ألفاً.
ولما نزل سعد القادسية أقام بها شهراً لم يأته من الفرس أحد... فبدأ في بث الغارات والنهب بين مدينتي كسكر والأنبار، فغنم المسلمون من الأطعمة ما استكفوا به زماناً
فاستغاث أهل السواد إلى يزدجرد الثالث ملك فارس وأعلموه أن العرب قد نزلوا القادسية ، فأرسل قائده رستم ليقود حملة الفرس ضد العرب (وسار رستم وفي مقدمته ( الجالينوس ) في أربعين ألفاً ، وخرج هو في ستين ألفاً ، وفي ساقته عشرون ألفاً ، وجعل في ميمنته ( الهرمزان ) ، وعلى الميسرة ( مهران بن بهرام ) ، وهكذا تجمع لرستم ما يقرب من 120ألفا ، وبعث سعد بوفد من الدعاة إلى يزدجرد يدعونه قائلين : " اختر إن شئت الجزية عن يدٍ وأنت صاغر، وإن شئت فالسيف أو تسلم فتنجي نفسك. ..." فرفض إلا الحرب

يقاتلون بوحي سورة الأنفال (الغنائم): فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً (الأنفال 69)
فلما وصل رستم التحم الجيشان على ثلاثة أيام ، ففي اليوم الأول (يوم أرماث) قبل بداية المعركة ، أمر سعد الناس بقراءة سورة الجهاد، وهي الأنفال ... ثم كبر ثلاث مرات وبدأ القتال
ومن هدي القرآن ، وباغراءات الأنفال تحركت السيوف المحمدية تقارع الفرس
وفي اليوم الثاني (يوم أغواث) : جاء المدد من الشام بجيوش في مقدمتها هاشم بن عتبة بن أبي وقاص والقعقاع بن عمرو التميمي ، فتغيرت دفة المعركة للمسلمين ، وجعلت خيل الفرس تفر من جمال المسلمين وإبلهم .
وأما اليوم الثالث (يوم عماس) : أصبح الفريقان وهم على مواقفهما ، ومن قتلى المسلمين ألفان ، ومن الفرس عشرة آلاف ...
ولما جاءت ليلة الهرير قتل أحد المسلمين والمسمى "هلال بن علفة" القائد الفارسي رستم: ، واصاب المسلمون من الفرس في اليوم الثالث فقط عشرة آلاف سوى من قتلوا في الأيام قبله ، ولما طاردوهم برماحهم غرق منهم ثلاثون ألفاً ، وجمعت الأسلاب والأموال فجمع منها شيء لم يجمع قبله ولا بعده مثله.
ثم يخبرنا الطبري بموت المثنى بن حارثة على فراشه فتيا صغير السن ، والأغرب أن سعد بن أبي وقاص القائد الجديد والنجم الإسلامي بعد القادسية لم يلبث أن تزوج امرأته سلمى ابنة خصفة ، أكان هناك صراعا على السلطة والقيادة ، أم هو صراع على النسوة والحسان... ولماذا يتزوج سعد من امرأة المثنى ...؟
أسئلة تظل معلقة في ثنايا التاريخ الإسلامي بلا إجابات وإنما استنتاجات (25)

**************
استكمال غزو فارس على يد سعد ابن أبي وقاص (15- 17 هـ) (26)

لما فرغ سعد من أمر القادسية ومات المثنى ، أقام بالقادسية بعد الغزو شهرين وكاتب عمر فيما يفعل، فكتب إليه عمر يأمره بالمسير إلى المدائن عاصمة الفرس ... فسار بالجيش فلما وصلت مقدمة المسلمين مدينة برس وعليهم عبد الله بن المعتم وزهرة بن حوية وشرحبيل ابن السمط لقيهم بها القائد الفارسي "بصبهرا" في جمع من الفرس، فهزمه المسلمون ومن معه إلى بابل .. ثم انهزموا في بابل أيضا ، وأنطلقوا بعدها كل إلى طريق ، فسار الهرمزان نحو الأهواز ، وخرج الفيرزان نحو نهاوند وبها كنوز كسرى ، وسار النخيرخان ومهران إلى المدائن وقطعا الجسر إليها . (27)

أصابوا 100 ألف فلاح
فبدأ المسلمون بغزو المدائن الغربية ( بهرسير) (صفر 16 هـ / مارس 637 م): حاصر سعد بهرسير، وأرسل الخيول فأغارت على من أبى الإذعان للإسلام ، فأصابوا مائة ألف فلاح ... ودعا الباقين إلى الإسلام أو الجزية أو الحرب ، فتراجعوا إلى الجزية ، فلم يبق في غربي دجلة إلى أرض العرب سوادي إلا وخضع غصبا للإسلام.
وأقاموا على بهرسير شهرين يرمونهم بالمجانيق ويدبون إليهم بالدبابات ويقاتلوهم بكل عدة، ونصبوا عليها عشرين منجنيقاً فشغلوهم بها ، واشتد الحصار بأهل المدائن الغربية حتى أكلوا السنانير والكلاب وصبروا من شدة الحصار على أمر عظيم، وأنتهى الأمر بهربهم من المدينة (28)
فجمع سعد جنوده وأخبرهم بعزمه على عبور دجلة إلى الفرس وفتح عاصمتهم المدائن، وقسم سعد جيشه إلى عدة كتائب، وجعل على رأس كل منها قائدًا ، فجعل على الكتيبة الأولى "كتيبة الأهوال" عاصم بن عمرو الملقب بذي البأس، وجعل على الكتيبة الثانية "الكتيبة الخرساء" القعقاع بن عمرو، ثم سار هو على بقية الجيش

يفقأون المزيد من العيون
ثم غزو المدائن الشرقية ( إيوان كسرى):ثم اقتحم المسلمون دجلة. فلما رآهم الفرس اقتحموا عليهم دجلة، ولقوا عاصماً وقد دنا من الفراض. فقال عاصم: "الرماح الرماح! أشرعوها وتوخوا العيون فالتقوا فاطعنوا" ، فرشق المسلمون عيون الفرس وخيولهم فولوا، ولحقهم المسلمون فقتلوا أكثرهم، ومن نجا منهم صار أعور من الطعن..

دماء من وحي القرآن:
ودخل سعد القصر الأبيض بالمدائن، وانتهى إلى إيوان كسرى، وهو يقرأ قوله تعالى: "كم تركوا من جنات وعيون *وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قومًا آخرين" (الدخان: 25-28). ثم صلى فيه صلاة الفتح ثماني ركعات لا يفصل بينهن، كما صلى من قبلُ في قصر كسرى الآخر في بهرسير .
فلم يكن سقوط المدائن إلا مباركة من إله الإسلام ، يرافقها ذبائح بشرية مرضية أمامه
فلما جمعت الغنائم قسم سعد الفيء بين الناس خمسة، وكانوا ستين ألفاً، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفاً، وكلهم كان فارساً ليس فيهم راجل، ونفل من الأخماس في أهل البلاء، وقسم المنازل بين الناس..

ولكن الوسطى : حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة 29)
وعرض المسلمون على أهل المدائن ما عرضوه من قبل على أهل بهرسير:"إما الإسلام ، وإن أبيتم فالجزية، وإن أبيتم فمناجزتكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم". فأجابوهم إلى الجزية، وقالوا: "لا حاجة لنا في الأولى ولا في الآخرة.. ولكن الوسطى (29) . والعجيب أن هذا كان الغالب في ردود الشعوب المقهورة ... فلم يقبلوا بحكم الإسلام طوعا ، بل وثاروا عليه عدة مرات

ما يقرب من 100 ألف قتيل وغنائم بالملايين
وبعد المدائن وقعة جلولاء وغزو حلوان (ذي القعدة 16هـ / ديسمبر 637م): ولما سقطت المدائن هرب منها يزدجرد الثالث إلى حلوان (مدينة من مدن الجبل على مقربة من خانقين) ، وأمّر على الجيش مهران، وأقاموا في جلولاء وحفروا خندقا حولها، واستعدوا لملاقاة المسلمين.
فكتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر يخبره بذلك، فكتب إليه عمر، أن يقيم هو بالمدائن، ويبعث ابن أخيه هاشم بن عتبة أميرًا على الجيش الذي يبعثه إلى كسرى، ويكون على المقدمة القعقاع بن عمرو، وعلى الميمنة سعد بن مالك، وعلى الميسرة أخوه عمرو بن مالك، وعلى الساقة عمرو بن مرة الجهني ، فبعث سعد مع ابن أخيه جيشًا كثيفًا يقارب اثني عشر ألفا ، والتقى الفريقان ودار القتال لعدة أيام .
فانهزم الفرس وعقرت دوابهم واتبعهم المسلمون فلم يفلت منهم إلا من لا يعد، وقتل يومئذٍ منهم مائة ألف، فجللت القتلى المكان فسميت جلولاء بما جللها من قتلاهم، فهي جلولاء الوقيعة. فسار القعقاع بن عمرو في الطلب حتى بلغ خانقين... وقسمت الغنيمة وأصحاب كل واحد من الفوارس تسعة آلاف وتسعة من الدواب، وقيل: إن الغنيمة كانت ثلاثين ألف ألف (30مليون) وكان الخمس إلى عمر في ستة آلاف ألف (6 مليون) (30)

فأخذتهم سيوف المسلمين ... ولم يفلت إلا من أسلم
ثم غزو تكريت والموصل (جمادي 16 هـ / يونيو-يوليو 637م) : وكان الأنطاق قد سار من الموصل إلى تكريت وخندق عليه ليحمي أرضه ومعه الروم وإياد وتغلب والنمر والشهارجة ، فأرسل سعد جيشا بقيادة عبد الله بن المعتم واستعمل على مقدمته ربغي بن الأفكل، وعلى ميمنته الحارث بن حسان الذهلي وعلى ميسرته فرات بن حيان العجلي وعلى ساقته هانىء بن قيس وعلى الخيل عرفجة بن هرثمة. فسار عبد الله إلى تكريت ونزل على الأنطاق فحصره ومن معه أربعين يوماً ، ثم أخذتهم سيوف المسلمين وسيوف الربعيين الذين أسلموا تلك الليلة، فلم يفلت من أهل الخندق إلا من أسلم من تغلب وإياد والنمر ... وقسموا الغنيمة فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف درهم، وسهم الراجل ألف درهم..
وقيل: إن عمر بن الخطاب استعمل عتبة بن فرقد على قصد الموصل، وغزاها سنة عشرين، فأتاها فقاتله أهل نينوى، فأخذ حصنهم الشرقي عنوةً، وعبر دجلة، فصالحه أهل الحصن الغربي (الموصل) ، على الجزية، ثم غزا المرج وبانهذار وباعذرا وحبتون وداسن وجميع معاقل الأكراد وقردى وبازبدى وجميع أعمال الموصل فصارت للمسلمين. وقيل: إن عياض بن غنم أتى الموصل فأسقط أحد الحصنين وبعث عتبة بن فرقد إلى الحصن الآخر فغزاه واسقطه على الجزية والخراج (31)

وهرب أهلها إلى الجبال
ثم غزا ضرار بن الخطاب مدينة ماسبذان: فالتقى جيش المسلمين بالفرس بسهل ماسبذان فاقتتلوا، فأسرع المسلمون في المشركين، وأخذ ضرار آذين قائد الفرس أسيراً فضرب رقبته. ثم خرج في الطلب حتى انتهى إلى السيروان، فأخذ ماسبذان عنوةً، فهرب أهلها في الجبال (32)

فأخذها عنوة
ثم غزو قرقيسيا (17 هـ) : ثم بعث سعد بجيش بقيادة عمر بن مالك فجاء قرقيسيا على غرة فأخذها عنوةً، فأجابوا إلى الجزية ...(33)

فقتل المسلمون من الفرس الكثير (من البحرين إلى فارس)
وفي نفس العام (17 هـ) أرسل العلاء بن الحضرمي حاكم البحرين المسلم جيشين بقيادة الجارود بن المعلى، و خليد بن المنذر بن ساوى ، وحملهم في البحر إلى فارس بغير إذن، فعبرت الجنود من البحرين إلى فارس، وكان خليد قد أمر أصحابه أن يقاتلوا رجالةً ففعلوا من أهل فارس مقتلة عظيمة، ثم خرجوا يريدون البصرة ولم يجدوا في البحر سبيلاً، وأخذت الفرس منهم طرقهم فعسكروا وتحصنوا . ولما بلغ عمر بن الخطاب صنيع العلاء أرسل إلى عتبة بن غزوان يأمره بإنفاذ جند كثيف إلى المسلمين بفارس قبل أن يهلكوا، وأرسل عتبة جيشاً كثيفاً في اثني عشر ألف مقاتل فيهم عاصم بن عمرو وعرفجة بن هرثمة والأحنف بن قيس وغيرهم، فقتل المسلمون من الفرس الكثير (34)

فقتل المسلمون منهم من شاؤوا وأصابوا ما شاؤوا
غزو الأهواز ومناذر ونهر تيرى (17 هـ): لما انهزم الهرمزان يوم القادسية، قصد خوزستان ، وكان يغير منها على أهل ميسان ودستميسان من مناذر ونهر تيرى. فاستمد عتبة بن غزوان سعداً فأمده بنعيم بن مقرن ونعيم بن مسعود وأمرهما أن يأتيا أعلى ميسان ودستميسان حتى يكونا بينهم وبين نهر تيرى .. فالتقوا هم والهرمزان بين دلث ونهر تيرى، وسلمى بن القين على أهل البصرة، ونعيم بن مقرن على أهل الكوفة، فاقتتلوا. وبينا هم في الحرب أقبل مدد إسلامي من قبيلتي غالب وكليب، فانهزم جيش الهرمزان ، فقتل المسلمون منهم ما شاؤوا وأصابوا ما شاؤوا واتبعوهم حتى وقفوا على شاطىء دجيل وأخذوا ما دونه وعسكروا بحيال سوق الأهواز، وعبر الهرمزان جسر سوق الأهواز وأقام بها، وصار دجيل بين الهرمزان والمسلمين. ... ثم تصالح الفريقان ثم عادا واختلفا ، فأرسل عتبة بحرقوص بن زهير السعدي ، وسار الهرمزان ومن معه وسار المسلمون إلى جسر سوق الأهواز . فعبروا فوق الجسر فاقتتلوا مما يلي سوق الأهواز، فانهزم الهرمزان وسار إلى رامهرمز، وغزا حرقوص سوق الأهواز ، ووضع الجزية على أهلها (35)

وقتل المسلمون خلقا كثيرا
ثم تم غزو رامهرمز وتستروأسر الهرمزان (17 هـ): وتحقق على يد النعمان بن المقرن فأستولى على رامهرمز ، ثم حاصر جيشه مدينة تستر لعدة أشهر ولم تسقط إلا بالحيلة وقتل المسلمون خلقا كثيرا ومنهم الهرمزان نفسه (36) ،

فأيقن أنه القتل أو الإسلام، فأسلم
ويحكي الطبري قصة إسلام المترجم الفارسي فيقول" كان التّرجمان يوم الهرمزان المغيرة بن شعبة ، وكان المغيرة يفقه شيئا من الفارسيّة، فقال عمر للمغيرة: قل له: من أيّ أرض أنت؟ فقال المغيرة: أزكدام أرضي؟ فقال: مهرجانىّ، فقال: تكلم بحجّتك، قال: كلام حّى أو ميت؟ قال: بل كلام حي، قال: قد آمنتني، قال: خدعتني، إنّ للمخدوع في الحرب حكمه؛ لا والله لا أؤمّنك حتى تسلم، فأيقن أنه القتل أو الإسلام، فأسلم" (37) . فكانت قصة صغيرة من واقع الجهاد تعبر عن كيفية انتشار الإسلام ... وأنها ليست الموعظة أو القناعة أو الإيمان القلبي بل حد السيف ، وقهر الضمير .

أنه لا يفتح السّوس إلاّ الدّجال أو قوم فيهم الدّجال
غزو السوس (17 هـ): حاصر النعمان وأبو سبرة السوس ثم دخلها المسلمون عنوة ، ولما رفض أهلها الإسلام اختاروا الجزية ، وعند حصار المسلمين للبلدة قال لهم بعض رجال الدين المسيحي " يا معشر العرب، إنّ مما عهد إلينا علماؤنا وأوائلنا؛ أنه لا يفتح السّوس إلاّ الدّجال أو قوم فيهم الدّجال، فإن كان الدّجال فيكم فستفتحونها" وبالفعل دخلها المسلمون (38) ، ثم افترقوا فسار النعمان حتى أتى نهاوند، وسار المقترب بن ربيعة حتى نزل على جنديسابور مع زر ، ثم سقطت جنديسابور للجزية (39)

وكان عمر بن الخطاب قد أذن للمسلمين عام 17 هـ في الانسياح في بلاد فارس ، فدفع غزو خراسان إلى الأحنف بن قيس، وغزو أردشير خره وسابور إلى مجاشع بن مسعود السلمي، وغزو إصطخر إلى عثمان بن أبي العاص الثقفي، وغزو فساودارابجرد إلى سارية بن زنيم الكناني، وغزو كرمان إلى سهيل بن عدي، وغزو سبجستان إلى عاصم بن عمرو، وغزو مكران إلى الحكم بن عمير التغلبي، فخرجوا ولم يتهيأ مسيرهم إلى سنة ثماني عشرة .(40)
و تم غزو العراق ومعظم فارس في (عام 19 هـ) لتكون محطة لنشر سيوف الهلاك شرقا إلى الهند والسند وأفغانستان

فهل كان دخول المسلمين العراق وفارس بالدعوة والسلام واغصان الزيتون ؟
... لا بلا بالدماء والقتل والسلب والسبايا واغتصاب النساء واسترقاق الأحرار
هل كانوا مثالا للرحمة؟ ...
لا بل كانوامن شاربي الدماء كما اكد خالد ابن الوليد لقائد الروم في اليرموك (41)
هل أشفقوا على الأسرى ؟ ...
لا بل قتلوا منهم الكثير كما قتلوا 70 ألف من أسرى مسيحيي العرب في أليس الفرات
هل رحب أهل البلاد بهم ؟
لا بل في كثير من الأحيان كانوا يطلبون النجدة والغوث من جيوش الفرس
وبنظرة سريعة على أرقام القتلى نجدهم يقتربون من المليون قتيل في فترة خمسة أعوام هجرية ، هذا خلاف المصابين ومن ماتوا بعد المعارك من الإصابات والطعان ... ، وخلاف ما لم تذكره المصادر الإسلامية في الكثير من المواقع والمعارك ، وخلاف من مات من المسلمين أنفسهم
أما عن الأسرى من النساء والأطفال الذين بيعوا في أسواق النخاسة فحدث ولا حرج
أما عن الاستلهام القرآني بسورة الأنفال تحريضا على القتال والقتل ، وصيحات التكبير ... وتناول الطعام فوق جثث القتلى ... فهو من أصول الشريعة وفقه الحرب (42)
يؤكد ألبرت أينشتين أنه لا يمكن أن تعد للحرب وتدعو للسلام في نفس الوقت (43)...
وهذا ما يحاول الكثير من المدافعين عن الإسلام اقناعنا به ... أن الإسلام دين السلام ، بينما دماء الأبرياء تقطر من سيوف المسلمين ... وبالملايين
قديما ومنذ ما يقرب من 1400 عام ارتوت أراضي الهلال الخصيب وفارس بدماء الملايين من أجداد العراقيين والإيرانيين المعاصرين ، وبسيوف أتباع محمد ...
والآن وبكل أسف نسى أهل بابل وفارس دماء أجدادهم ، وحضارة آبائهم ، ومازلوا يتقاتلون اليوم فيما بينهم دفاعا عن عقائد وأفكار قاتلي أجدادهم من أتباع محمد نبي العرب ... بل أن عشرات الآلاف من القتلى في العراق لم تحصدهم اسلحة الأمريكان المتقدمة بقدر ما حصدت أرواحهم عصابات إسلامية بتفجيرات مفخخة أو انتحارية


فقد نجح الإسلام في أن يحول الضحايا إلى كلاب حراسة لحماية الصنم الاكبر الذي صنعه محمد من 1400 عام

ومن يبع حريته من أجل شراء الأمن والسلامة ، سوف يخسر حريته وسلامته كلاهما (44)... وقد باع الأجداد الحرية بثمن بخس ، وهاهم الأبناء والأحفاد يدفعون الثمن بلا حرية أو أمان أو كرامة في أوطانهم

يتبع بغزو الشام

---------------------------------------
الهوامش والمراجع
* راجع المقالة السابق عن حروب الردة
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=78464

1) {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ }الصف4
2) الكامل ص 383 / تاريخ الرسل والملوك للطبري –ص 684-685
3) تاريخ الطبري ص 685
4) الكامل ص 383 / البداية والنهاية –ابن كثير ص 2645 / تاريخ ابن خلدون ص 672 / تاريخ الطبري ص685 -686
5) الكامل ص 384 / تاريخ الطبري ص 686 -687
6) الكامل ص 384 / تاريخ الطبري ص688- 689 / البداية والنهاية ص 2646
7) الكامل ص 384-385 / تاريخ اليعقوبي ص 157 / تاريخ الطبري ص 689-691
8) " وكان سبب تسليمها إليه أن محمد ، لما ذكر استيلاء أمته على ملك فارس والحيرة سأله شويل أن يعطى كرامة ابنة عبد المسيح، وكان رآها شابة فمال إليها، فوعده محمد ذلك، فلما فتحت الحيرة طلبها وشهد له شهود بوعد محمد أن يسلمها إليه، فسلمها إليه خالد." (الكامل ص 385 / تاريخ الطبري ص 692)
9) الكامل ص 385-386 / البداية والنهاية ص 2648 / تاريخ الطبري ص 695-696

10) البخاري-الطب-5686 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ - يَعْنِى الإِبِلَ - فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ، فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ، حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَسَاقُوا الإِبِلَ ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ فِى طَلَبِهِمْ ، فَجِىءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ . قَالَ قَتَادَةُ فَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ . أطرافه 233 ، 1501 ، 3018 ، 4192 ، 4193 ، 4610 ، 5685 ، 5727 ، 6802 ، 6803 ، 6804 ، 6805 ، 6899 - تحفة 1402 ، 19291

11) الكامل ص386-387 / البداية والنهاية ص 2648 / تاريخ الطبري ص697
12) الكامل ص 387 / البداية والنهاية ص 2649 /تاريخ الطبري ص 697-698
13) البداية والنهاية ص 2650 / الكامل ص 387 /تاريخ الطبري ص698-699
14) الكامل ص 388 /تاريخ الطبري ص700
15) الكامل ص 388 / تاريخ ابن خلدون ص 674 /تاريخ الطبري ص 700
16) الكامل ص 401 / تاريخ الطبري ص 728-730 /المنتظم ص 465
17) الكامل ص401-402 / المنتظم ص 466/ تاريخ الطبري ص 730-731
18) الكامل ص 402 /تاريخ الطبري ص 731
19) الكامل ص 402-403 /تاريخ الطبري ص 732
20) تاريخ الطبري ص 736
21) الكامل ص 403-405 / تاريخ الطبري ص 736-743
22) تاريخ الطبري ص 744-746
23) الكامل ص 406 / تاريخ الطبري ص 746-747
24) الكامل ص 407-412 / المنتظم ص 472-474 / تاريخ الطبري ص 746-790
25) تاريخ الطبري ص 791
26) الكامل ص 429-437
27) الكامل ص 429 / البداية والنهاية ص 2691 /تاريخ الطبري ص 813
28) الكامل ص 430 / تاريخ الطبري ص 814-815
29) الكامل ص 431-432 / تاريخ الطبري ص 815-816
30) الكامل ص 434-435 / تاريخ الطبري ص 822-823
31) الكامل ص 436 / تاريخ الطبري ص 828
32) الكامل ص 436 / تاريخ الطبري ص829
33) الكامل ص436-437 / تاريخ الطبري ص 829
34) الكامل ص 441-442 / تاريخ الطبري ص 848-849
35) الكامل ص 443-444 / تاريخ الطبري ص 844-847
36) الكامل ص 444-445 / تاريخ الطبري ص847-852
37) تاريخ الطبري ص 854
38) تاريخ الطبري ص 855
39) الكامل ص 446-447 / تاريخ الطبري ص 853-855
40) الكامل ص 447 / تاريخ الطبري ص 857
41) "فقال ماهان: إنا قد علمنا أن ما أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعام وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها.
فقال خالد: إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أن لا دم أطيب من دم الروم فجئنا لذلك." (البداية والنهاية ابن كثير ص 2658 - الفصل السابع - وقعة اليرموك)
http://www.al-eman.net/Islamlib/viewchp.asp?BID=251&CID=107
42) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ (الأنفال 65)
43)
You cannot simultaneously prevent and prepare for war. Albert Einstein (1879 – 1955)
44)
Those who would give up essential liberty to purchase a little temporary safety deserve neither liberty nor safety. Benjamin Franklin (1706 - 1790), Historical Review of Pennsylvania, 1759